|
ما بين عامي 2011 و2014 تعرّت المستويات النفسية والمعرفية والوطنية للمثقف اليمني.. ولقد تكثف الفعل السلبي للمثقف مع كل هذه التحوّلات في أنه بلا موقف تام ومبدأي من أمراض مجتمعه اللا وطنية لتكون النتيجة مثقفين بنكسات مخزية، ووجوه بلا ماء.
لكن في المقابل هناك نماذج إيجابية مشرّفة من المثقّفين لا ينكسرون أو يمارسون المداهنة والانحناء، كما لا يجعلون حسّهم الثقافي رهناً لإملاءات السياسة بأمراضها ما قبل الوطنية.
ومع شيوع مختلف الأنمطة الشوهاء والمأزومة في إدارة الدولة والمجتمع يحدث أن نشهد انهيارات فادحة لمثقفين فضّلوا الاستسلام لمحمولات هوياتهم الجهوية العصابية ومشاركة سحق أحلام المشروع الوطني الكبير واعتبار الجماعة والحزب هما الوطن مع شرعنة انحرافهما وتكريس مظاهر المثقّف الانتهازي والمستلب.
وهكذا انحصرت مهام هؤلاء في إعادة إنتاج المشاريع الصغيرة والمغلقة لكياناتهم، آملين الحماية الاجتماعية والسياسية التي يوفرها لهم هذا الانحياز البدائي الرث.. والشاهد هو أن هذه التحوّلات هي التي جعلت النُخب في حالة اختبار كبيرة؛ ما يستدعي منها تبيان موقفها من ظواهر العنف والصراع السياسي والاجتماعي بكل وضوح وبلا مراوغات.
فمثلاً شاعر قصيدة النثر الحداثي الذي كان من أبرز المناضلين من أجل الحقوق والحريات والدمقرطة؛ تحوّل إلى داعية لحق الولاية، كما أن المفكّر الوحدوي الماركسي العلمي الكبير؛ أصبح شوفينياً قروياً مخبولاً ينتج الضجيج ولا يجلب سوى الهزء..!!.
وفي السياق تحوّل الأكاديمي التنويري الرائد الذي كفّرته إحدى الجماعات الأصولية قبل ثلاثين عاماً إلى أبرز المنظّرين لها؛ لمجرد أنها تعادي من يختلف معهم مذهبياً، وأما مفاهيم مثل «النهضة والتقدم» فقد صارت “لا تؤكل عيشاً” و“لا تؤمّن مستقبل الأولاد” ما أفضى إلى احتقارها من قبل عديد مثقّفين أيضاً. كل هذا الانحدار ـ بالطبع ـ لا يعني عدم وجود مثقّفين عصاة على الإخضاع، بل العكس.
fathi_nasr@hotmail.com
في الثلاثاء 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 08:21:21 ص