|
برغم إعلان تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة المهندس خالد محفوظ بحاح؛ إلاَّ أن اليمنيين لا يطمحون في شيء تحقّقه الحكومة سوى ما يحفظ لهم كرامتهم ويصون أعراضهم ويحقّق لهم قدراً ولو يسيراً من الاستقرار النفسي ويحرّرهم من الشعور بالقلق والخوف الذي أصبح مسكوناً في نفوسهم ومشاعرهم جرّاء ما وصلت إليه الأوضاع من تدهور مخيف وتدنٍ واضح ومقلق في مختلف المجالات وبالذات في الجانب الأمني وبسبب الفوضى العارمة التي تسيّدت المشهد في كل ربوع الوطن المتعطش للأمن والاستقرار والحياة الحرة الكريمة لكل أبنائه, وأن يكونوا في مأمن من أعمال القتل والاغتيالات التي لم تتوقف وكان آخر مشاهدها اغتيال المفكّر والسياسي والأكاديمي البارز داعية السلام والحداثة الدكتور محمد عبدالملك المتوكل, والمجزرة البشعة التي استهدفت عشرين جندياً في مديرية «جبل رأس» بمحافظة الحديدة, وأن تتوقف أيضاً التفجيرات أياً كان نوعها وتحت أي مسمّى.
ويبدو أن اليمنيين لم يعد بمقدورهم أن يطمحوا بعد اليوم كما يطمح غيرهم من الناس سواء في بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة أم في إقامة مجتمع الرخاء والرفاهية والسعادة, فلقد أنهكتهم الأحلام والآمال والطموحات وأوصلتهم إلى مثل هكذا وضع مأساوي مُثخن بالآلام والمآسي والويلات والتعقيدات والإشكالات التي أنتجتها صراعات القوى السياسية والحزبية التي تخوضها تحت شعار الانتصار لآمال وأحلام الجماهير المطحونة والكادحة؛ بينما الهدف الحقيقي هو تحقيق المزيد من المكاسب والغنائم الحزبية والذاتية على حساب مصالح الوطن والجماهير المسحوقة, وهي أطماع جعلت تلك القوى والأحزاب بعيدة عن هموم المواطن البسيط الذي يلهث لتأمين لقمة العيش له ولأولاده وأسرته الذين لم يجدوا أية فرصة عمل أو مصدر رزق شريف يغنيهم عن مذلّة السؤال والارتهان.
إن ما تشهده اليمن من تدهور في كل الجوانب أهمّها الانهيار السريع لما تبقّى من مقوّمات الدولة, ينذر بكوارث مدمّرة وخطيرة على اليمن والمنطقة, إلى جانب ما يخطّط له في الكواليس لتمزيق وتفتيت اليمن والوصول بها إلى ما يشبه الكانتونات تنفيذاً لأجندات وأطماع إقليمية تحاول توسيع نفوذها وهيمنتها الفكرية ما استطاعت إليه سبيلا, ودولية تعمل للسيطرة الكاملة على المنطقة وتأمين مصالحها بأي ثمن ولو على حساب تمزيق الأوطان والزج بشعوبها في أتون حروب عبثية تخدم الهدف العام لقوى النفوذ والسيطرة..!!.
نعم.. لم يعد اليمنيون البسطاء يحلمون لا بالتنمية ولا بالتقدّم والتطوّر والازدهار الذي ضُلّلوا به بوعود وردية ظلّت تسوقها لهم الحكومات المتعاقبة والأحزاب والقوى السياسية المتوثبة للانقضاض على ما تبقّى من مقدّرات الوطن والقضاء على كل أمل جميل يحلم به المواطن اليمني, وإصرارها على زرع روح الكراهية والحقد واليأس والإحباط والقنوط في نفوس اليمنيين الذين أصبحوا يعتبرون أي حلم أو أمل يتطلّعون إلى تحقيقه مصدراً لمعاقبتهم, أما أن يطمحوا في أن تصل بلادهم إلى ما وصلت به بلدان أخرى أقل منها موارد وإمكانيات مادية وطاقات بشرية مؤهلة سواءً الدول القريبة منها أم البعيدة جغرافياً فذلك من المستحيل.
كما أن الطموح من قبل الشعب أصبح في قواميس ومفردات قوى التسلُّط والنفوذ المتحكّمة في مصير اليمنيين سواء كانت حزبية أم قبلية مَفْسَدة وضرباً من الخيال ومحرّماً على عامة اليمنيين الذين أنهكتهم الأطماع ودمّرت وطنهم الصراعات والحروب, وزادت من تعاستهم المزايدات والشعارات المخادعة التي يرفعها البعض زوراً وبهتاناً وتحت مبرّر النضال من أجل الشعب وإنقاذ الوطن, متناسين أن الوطن بحاجة إلى من ينقذه منهم ومن مزايداتهم الكاذبة.
ali_alshater@yahoo.com
في الثلاثاء 11 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 08:23:49 ص