|
هل عرفنا المراد وحدّدناه، فأخطأنا الطريق إليه..؟! بهذا التساؤل نختتم التأمل، أو الاستعراض التأملي لأحداث مررنا بها منذ العام 2011م حتى يومنا.
لقد أردنا حقن الدماء ومنع انهيار الدولة بعد تداعي اقتصادها وأمنها، كما أردنا الحفاظ على اليمن وعلى بُنيتها السياسية والثقافية من التشظّي والتشرذم، ولهذا الغرض ـ الذي يُجمع عليه كل الأطراف ـ أقدمنا على أطول حوار في تاريخنا ـ حوى معظم التيارات والأطراف المتصارعة ـ وكان ذلك بحماسٍ قيادي وشعبي ورعاية أممية وإقليمية، فلم يخرج المتحاورون من قاعة حوارهم ـ في قاعة الموفنبيك ـ إلا وحرب الاقتتال بين الأهل والإخوة على أشدّها، ومرّت الشهور والشهور ونحن نسمع المناداة ـ من مختلف الأطراف بما فيها الدولة أو السُلطة ـ بتنفيذ مخرجات الحوار وعدم عرقلتها والجدّية في التعامل معها، وها نحن اليوم نستحدث لمخرجات الحوار وزارة ومقعداً في مجلس الوزراء وحصّة من الموازنة العامة للدولة..!!.
إذن، مَنْ يعرقل الحوار..؟! سؤال مماثل للسؤال المتعلق بالخطوة التي سبقت مؤتمر الحوار الوطني، وهي التوقيع على المبادرة الخليجية؛ التي وقّعت عليها الأطراف المتشاركة أو المتقاسمة ـ بعبارة أدق ـ ونسمع منها التذمُّر من عدم تنفيذ بنود الاتفاقية الخليجية «المزمّنة» بجدّية وحرص يجنب البلاد المنزلق.
وها نحن اليوم نرى في الأفق تلويحاً بمبادرة خليجية أخرى قبل أن تتضح للشارع اليمني ـ بالقرائن والأدلةّ الواضحة ـ من هي القوى المعرقلة ـ والانتقائية والمحبطة.
المهم لقد انتقلنا بعد ذلك إلى اتفاقية السلم والشراكة التي انضمت إلى الموقّعين عليها أطراف لم توقّع على المبادرة الخليجية في الرياض، وابتعاداً عن الانهيار وحقناً للدماء تم الإسراع في تشكيل حكومة جديدة لم تسلم هي الأخرى من الملاحظات والاحتجاجات المقترنة بعدم التقيد التام ببنود اتفاقية السلم والشراكة؛ ونسمع كل يوم كلاماً جديداً.
ما الذي هناك، ما الذي يحدث حتى نتحاور ونختلف وينهض البعض من على طاولة الحوار معلناً انسحابه، أو نرى بعض الفُرقاء يقتتلون هنا أو هناك، ونشاهد المزيد من أعمال العنف والاغتيالات..؟!.
ما الذي يحدث حتى نوقّع على مبادرة وعلى وثيقة اتفاقية فنجد الشكوى قائمة والتذمر حاضراً والاتهامات متبادلة، حتى بعد تشكيل وإعلان الحكومة التي رأى فيها الجميع الخطوة الأولى نحو الخروج مما نحن فيه..؟!.
هل نحن ممن يحدّدون المطلوب والغرض، فيخطئون الطريق إليه، وما هذا التجاذب والتوترات إلا دليل على ذلك..؟!.
كل الأسئلة المشار إليها نترك إجاباتها إلى الغد والاختصاصيين من ساسة وباحثين ومحلّلين بتجرُّد وصدق وقلوب مغسولة من الرواسب السيئة.
ونختصر بالقول: نحن اليوم أمام فرصة متبقية أو واحدة وأخيرة، هذه الفرصة لها مدخل واحد مفتاحه المقولة العربية العظيمة القائلة: «عند الشدائد تذهب الأحقاد» ونحن اليوم ليس في شدة واحدة بل شدائد، فهل تذهب الأحقاد فتلتقي كل الأطراف تحت مصلحة اليمن وحقوق أبنائه وأجياله على قيادات وزعامات اليوم.
يلتقي الجميع وهم يدركون ـ بلا استثناء ـ ما معنى أن تذهب الأحقاد عند الشدائد، وأي واجب ديني وأخلاقي وسياسي يحتّم ذلك، ويلزم بالقبول بالآخر وإشراكه والتطهُّر من رواسب الأحقاد والضغائن والانتقام، ومن الارتهان للمصالح النفعية الذاتية، ومن العبودية والتبعية لما هو غير يمني.
لقد صار أبناؤنا يُقتلون في الكمائن والعبوّات والأحزمة الناسفة وذبحاً بالسكاكين، كما صرنا على شفا الانهيار، وأي شدائد كهذه، وماذا ننتظر حتى ندرك لزومية أن تذهب الأحقاد..؟!.
شيء من الشعر
ضاق بي عَالَم يسيجه البغضُ وللزيف والنفاق ربيبُ
عزّ فيه الوفاء وانتحر الحبُ وجف الندا، وبارت سهوبُ
أرضعوه سياسة الغدر حقداً عصرته غوائل وحروبُ
عَالَم لا أطيقه وأنا فيه كسيرُ وبين أهلي غريبُ
في الإثنين 17 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 08:23:38 ص