|
يوصف يوسف بن علوي وزير خارجية عُمان الشقيقة بأنه سياسي حصيف. ومن وزراء الخارجية العرب القلائل الذين اكتسبوا خبرة عالية في هذا المجال خلال تقلده لهذا المنصب لفترة طويلة، لكن حديثه الأخير الذي نشرته صحيفة الشرق الأوسط وتناول فيه الأوضاع في بلادنا مقترحاً إعلان مبادرة خليجية ثانية، قد جانبه الكثير من الحكمة والصواب، وأظهر أنه رغم الجوار والقرب الجغرافي بين بلدينا الشقيقين ومتابعته الطويلة لما يجري هنا ما يزال لا يعرف الكثير عن الأسباب والمضاعفات التي أدت إلى الوصول بأوضاعنا إلى ماهي عليه والتراكمات التي أدت إلى التداعيات المزعجة لبلادنا ولما حولها، والتي نتجت –كما يرى كثير من العقلاء في الداخل والخارج- من التدخلات الخارجية واقتراح الحلول التي تتناسب مع هذا الخارج بكل تجنحاته ولا تناسب هذا البلد الجريح الذي ناله ما يكفي من التجاهل والازدراء والاستعلاء وأحياناً الإشفاق المجاني.
لقد كان واضحاً منذ عقد من الزمن –على أقل تقدير- إن المشكلة في بلادنا اقتصادية بالدرجة الأولى وإن ارتدت في بعض الأحيان أثواباً سياسية، وكان في مقدور الأشقاء والأصدقاء أن يسهموا في حلها بكل سهولة ويسر، وكان في إمكانهم أيضاً أن يمدوا مرافق الدولة المعطلة والقادمة على الانهيار بمساعداتهم العينية لا المالية، قبل أن يتسرب الخلل ويعم الاضطراب، لكن مواقفهم اقتصرت على الكلام والنصائح الطيبة، وعندما اشتدت الأزمة وتحولت إلى اندفاع شعبي غير محكوم اكتفى الأشقاء والأصدقاء بإطلاق المبادرات السياسية التي أثبتت الأيام خواءها وعدم نجاعتها في حلحلة الأمور المستحكمة في الشارع والتي تعكس نفسها على مواقف القوى السياسية المختلفة، وما يرافقها من ضغوط لا يشعر بخطورتها من يعيشون في قصور مضاءة وحول موائد فيها ما لذّ وطاب. وذلك هو جوهر المشكلة اليمانية بكل أبعادها.
صحيح أن هذا المناخ الاقتصادي المأزوم والضاغط كان دائماً مصحوباً بتطلعات سياسية ونزوع إلى التغيير، لكن العامل الأكبر والباعث على الرغبة الملحة في التغيير وما نتج عنه من فوضى واشتباكات ومنازعات كان اجتماعياً وتعبيراً عما وصلت إليه الغالبية من إحساس بالحرمان واستمرار التدهور في مستوى المعيشة في زمن «السوبر ماركت « وإعلانات التلفزيون والحديث عن أشكال الرفاة الباذخ لدى الآخرين. كل هذه الأشياء جعلت الاستقرار مستحيلاً والدعوة في انتظار الفرج أمراً صعباً. وهنا يأتي دور الاستقطاب السياسي وتنشأ اللحظات المناسبة لإظهار عدم الرضا عن كل خطوة تتم على طريق إنقاذ ما يمكن إنقاذه من كيان الدولة، ومن وشائج المواطنة، ومن الشعور بأهمية التماسك وإعطاء الوقت للمبادرات السابقة ولمخرجات الحوار، والعمل المشترك على إيجاد الدولة المدنية العادلة التي تمنح مواطنيها الأمل في حاضر سعيد ومستقبل أسعد.
إن المبادرة التي تحمي كيان هذا البلد وتحافظ على وحدته وتماسك أبنائه تأتي من هنا من اليمنيين أنفسهم، ومن اقتناعهم بخطورة ما يفعله بعضهم وما يراد بهم. أما الأشقاء والأصدقاء فقد كان الحكماء والعقلاء يتحدثون –وما يزالون- عن مبادرة جديدة ومختلفة وهي صورة مصغّرة «لمشروع مارشال» الذي ارتفع بألمانيا من حضيض الحرب إلى سماء الإنتاج والإبداع. وإذا كان هناك ما يشبه عدم الثقة في أن يقوم اليمنيون بتحمل مسؤولية القيام بهذا المشروع الجزئي فإن من حق دول المبادرة الشقيقة والصديقة أن تقوم بهذه المهمة بعيداً عن الحساسيات الإقليمية والمواقف السياسية المسبقة. ومبادرة كهذه أجدى من حبر المبادرات التي لم يتمكن أحد من قراءتها في الظلام الدامس الذي عمّ المدن والقرى وما يزال. وفي هذا الصدد كم كان صادقاً ذلك المفكر المعاصر الحكيم الذي قال إن الشعوب لا تستطيع أن تعيش على الفضلات، وكأنه كان يعني بالفضلات تلك الصدقات التي يقدمها الأثرياء للفقراء من الجماعات والشعوب.
القاص سعيد الحمادي في مجموعته القصصية الرابعة:
«رايات بيضاء» هو عنوان المجموعة القصصية للقاص المبدع سعيد الحمادي وتضم 17 قصة قصيرة تتناول كثيراً من القضايا الاجتماعية والإنسانية التي يشهدها الواقع وتفرضها ظروف المجتمع الخاضع للتحولات والمستجدات الجديدة. المجموعة صادرة عن مركز عبادي للدراسات والنشر. وتقع في 84 صفحة من القطع المتوسط.
تأملات شعرية:
معذورةٌ أن تأكلَ الحرةُ
من ثدييها
وأن تمد في مذلةٍ يديها
إذا تجاهل الأهل حقوقها
وانخرطوا في جوقة المكايدات
والخلافْ.
الخير في بلادنا كثير
والرزق –لو توحدتْ أهدافنا-
وفير
وداؤنا يكمن في غياب
الوعي والإنصافْ.
في الثلاثاء 18 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 01:47:38 م