مواطنة بقشان وأكثر من رسالة
استاذ/عباس الديلمي
استاذ/عباس الديلمي

إجابة على سؤاله: لماذا كل هذه الهالة التي تنسجونها حول منتخبكم الوطني لكرة القدم ـ في خليجي 22 ـ مع أن النتيجة تعادل وليس فوزاً؟! 
وهل تبلغ درجة الحساسية بينكم وبين قطر إلى هذه الدرجة؟!.. حاولت الاختصار بالقول: إن شعباً كاليمن له حضارته وتاريخه وموروثه الفكري، والثقافي، لا توجد لديه حساسية إزاء أي شعب من الشعوب .. أماموضوع ما وصفته بالهالة ، فلايخرج عن كونه ردود فعل شعبية، بعضها تلقائية صرفة وبعضها فيه شيء من السياسة.. 
نأتي بما هو تلقائي أولاً، فهناك في الشارع اليمني من رأى منتخب بلاده ـ الحديث الإعداد ـ يواجه منتخب ثلاث أو أربع قارات، وهذا بعد أن تناقلت بعض الوسائل الإعلامية الجنسيات الأصلية لمن تم تجنيسهم وضمهم إلى المنتخب القطري الشقيق. 
ومنهم من رأى منتخب بلاده الفقيرة الموجعة بما تعانيه وتتعرض له، يواجه منتخب أغنى دولة في العالم، ينعم المواطن فيها بأعلى معدل عالمي في مستوى دخل الفرد. 
ومنهم من رأى منتخب بلاده يقابل منتخباً يحصل اللاعب فيه سنوياً على راتب يفوق ما تنفقه اليمن ـ في العام ـ على المنتخب الوطني ، حسب وسائل إعلامية خليجية، ومنهم من استفزه تصريح ذلكم البحريني الملفع بسخريته وهو يقول: إن إشراك المنتخب اليمني الضعيف في البطولة الخليجية، أمر نشاز ويضعف البطولة. 
ومنهم من استفزه بوق إعلامي يمني ( مقطرن) أي يحاول استرضاء وكسب ود من وراء المنتخب القطري، حين قال بأن اللاعب اليمني محمد بقشان ـ الذي نجا من الموت بأعجوبة ـ قد سقط على رأسه وأغمي عليه وشرع في بلع لسانه ولولا قيام طبيب المنتخب القطري بإسعافه ،لكان فارق الحياة، وكأن طبيب المنتخب اليمني لم يحرك ساكناً أو عاجز عن فعل أي شيء.. وأن اللاعب محمد بقشان لم يتعرض لعنف تلك النطحة التي أسقطته مغمىً عليه. 
هذا جانب من رد الفعل الشعبي التلقائي. ونأتي إلى ما عليه مسحة سياسية، فقد شاهد الشارع اليمني في استبسال لاعبي المنتخب الوطني وحماسهم وتجانسهم وذوبان نزعة (الأنا) في نزعة (النحن) ما عزز لديه الثقة بحب الأوطان الذي لا يغيب أو يضعف إلا عند القلوب الميتة. 
 وزاد من ذلك الشعور لديه مشاهدته اللاعب محمد بقشان يجسد المواطنة الصادقة المخلصة المتمازجة مع تراب الوطن ومياهه وأشجاره شاهدوا فيه مثالاً للمواطن الذي لا يخشى الخطر المحقق من أجل وطنه ورفع اسمه، وإسعاد أبنائه، فقد عرض الكابتن بقشان حياته للخطر وهو يعرف ذلك وأنه قد يتعرض للعنف الذي يلحق به الأذى، فعل ذلك كي يمنع هدفاً محققاً من هز شبكة منتخب اليمن. وبشيء من السياسة رأى الشارع اليمني في الحضور الجماهيري الكبير لأبناء الجالية اليمنية في المملكة العربية السعودية، وبتلك الصورة المتميزة الأكثر من رائعةـ والتي كانت محط إعجاب كل معلقي الرياضة في خليجي 22 ـ رأوا فيه ماهي اليمن في قلوب أبنائها، وأي تلاحم وطني أبداه اليمانيون، وكأنهم يردون بقوة ووضوح على أولئك الباعثين والمروجين لما يمس الوحدة الوطنية اليمنية بالسوء والأذى والشرور الكامنة في بعض النفوس. لم نصنع هالة حول منتخب بلادنا، ولكنه تعبير تلقائي، ورسالة إلى المعنيين بالرياضة في اليمن، أن يحيطوا الرياضة بما تستحق من الرعاية وأن يواصلوا مهمتهم في بناء هذا المنتخب الصاعد المبشر، مع مدربه التشيكي الذي يستحق الشكر والتكريم، وهي رسالة أيضاً تقول: إن أي بناء وأي عمل يكون بعيداً عن المحاباة والمجاملات، ولا معيار فيه غير معيار الموهبة والقدرات والتميز، هكذا تكون بشائره الأولى ونتائجه. 
والأهم من كل ذلك هو رسالة لكل من تشرف بثقة حمل المسئولية وشرفها وأمانتها في أي موقع كان، صغر أم كبر أن يقتدي بالكابتن الشاب بقشان في تجسيد المواطنة الصادقة وحب الوطن والاستبسال بفدائية من أجل شعبه. 
شيء من الشعر 
بعزم الشباب بلغتِ المُنى 
بلادي، وحان قطوف الثمرْ 
ستنبت فوق النجيع الورود 
وتكسو سود الجبال الشجرْ 
شباب يشق دروب العلا 
وأسلم أجفانه للسهرْ 
شباب، تسلح بالمكرمات 
وبالحب لملم ضوء القمرْ 

في الإثنين 24 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 08:24:25 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=2099