هل تكون حكومة بحّاح حكومة حرب»..؟!
عميد ركن/علي حسن الشاطر
عميد ركن/علي حسن الشاطر
أقل ما يمكن أن توصف به الحكومة الجديدة هو أنها «حكومة حرب» من نوع آخر؛ مطلوب منها خوض معارك عدّة وشرسة في عدد من الجبهات المشتعلة, أهمها الجبهة الاقتصادية ثم الجبهة الأمنية ثم الجبهة الأكثر سخونة الحاضنة للفساد المستشري في كل مرافق الحياة, وتوجيه الضربات القاصمة للقضاء على كل البؤر في تلك الجبهات, وتحقيق الانتصارات مهما كانت التضحيات, والعمل الجاد والسريع لإيجاد بصيص أمل لدى عامة الناس بأن حكومتهم التي طال انتظارهم لها قادرة على تجاوز الوضع المتردّي الذي وصلت إليه اليمن, وليشعر المواطن أن هناك إمكانية لتحقيق الانفراج والتخلُّص من حالة الإحباط التي خيّمت على مشاعرهم, ومن ثم إخراج البلاد من نفق الأزمات التي ما برحت تتفاقم وتتوالد وتزداد مظاهرها المأساوية كل يوم, سواءً في انفلات زمام السيطرة على الأمور في البلاد؛ أو ما تشهده الكثير من المحافظات من أعمال عنف وقتال وفوضى وصراع أو بروز النعرات المناطقية والطائفية؛ وإذكاء نزعات الانفصال والتمزُّق والتشظّي لدى البعض وما يحدث في كثير من معسكرات الجيش والأمن من فوضى وانهيار وبما يشبه الانقلابات الفوضوية, وهي الأكثر خطراً على أمن الوطن والمواطنين والأشد فتكاً لمقوّمات الدولة وهيبتها ونفوذها التي لن يكون البديل لها سوى عصابات وميليشيات وقوى انتهازية متربّصة تعمل على أن تكون «شريعة الغاب» هي السائدة في المجتمع؛ لأنه إذا وصلت حالة الفوضى والتفكك إلى معسكرات الجيش والأمن؛ فعلى ماذا ستعتمد الدولة وقد أصبحت مجرّد اسم خالٍ من أي محتوى، وبماذا ستواجه أي خطر أو تهديد تتعرّض له سيادة واستقلال الوطن وسلامة أراضيه..؟!. 
صحيح أن ما حدث من انهيار وتداعيات متسارعة جاءت نتيجة حتمية لفوضى ما سُمّي «الربيع العربي» الذي لم يأتِ بجديد, ولم يحقّق شيئاً من التغيير المنشود سوى تمزيق الشعوب وإسقاط الأنظمة وانهيار الدول وتدمير مقدّرات الأوطان والشعوب وإنجازاتها التنموية المحقّقة خلال عشرات السنين, وكذا إثارة الفتن وإشعال الصراعات والحروب وتعبيد الطريق لتمدُّد نشاط التنظيمات الإرهابية المختلفة وسيطرتها على كثير من مناطق بلدان الربيع العربي. 
لكن ما لم يكن صحيحاً ولا مقبولاً هو أن تظل الشكوى سيدة الموقف حتى من قبل الدولة التي لم يبق منها سوى العلم والنشيد ونشرات الأخبار التلفزيونية, ولهذا هل يمكن أن تكون حكومة خالد محفوظ بحّاح حكومة إنقاذ لوطن يتدمر أمام أعين أبنائه، وأن تعمل على تجاوز حالة التنظير والاستعراضات الإعلامية واستخدام الألفاظ المنمّقة والكلمات المعسولة والوعود الوردية بهدف تخدير الناس وإلهائهم بتلك الحزم الكلامية التي لم تحقّق لهم شيئاً ينهي معاناتهم..؟!. 
ومع التسليم أن أمام الحكومة الجديدة صعوبات جمّة ومعقّدة؛ إلا أن لديها فسحة متاحة وفرصة سانحة أن توقف حالة التردّي والتدهور السائدة في البلاد, وتحيي الآمال في نفوس اليمنيين الذين تزداد حسرتهم على ما كانوا عليه قبل ما سُمّي «الربيع العربي» وأن تعمل بكل الجدّية والصدق إذا توافرت لها الإرادة السياسية القوية وتعاونت معها كل القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية الفاعلة على تجاوز كل التحدّيات والتغلُّب عليها والتي لا يمكن أن تتم بالأماني وحدها؛ لأن التركة ثقيلة ومثقلة لكاهل الوطن, ولأن ما تفرزه الأزمات المتتالية من نتائج مأساوية وتداعيات كارثية مازالت تطحن اليمنيين وتضاعف من آلامهم وأوجاعهم, وتهدّد النسيج الاجتماعي للشعب وتعرّضه للخطر والتشظّي والتجزئة والحروب التي ستقضي على ما تبقّى من الآمال في أن يعيشوا حياة الحرية والكرامة والطمأنينة والأمن الذي يعزّز الإيمان بأن القادم سيكون أفضل بإذن الله. 
 ali_alshater@yahoo.com‏

في الثلاثاء 25 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 08:24:04 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=2105