بحّاح.. والفساد /
عميد ركن/علي حسن الشاطر
عميد ركن/علي حسن الشاطر
 في أول حديث صحفي له بعد تجديد تعيينه وزيراً للنفط والمعادن في حكومة الدكتور «علي مجور» كان خالد محفوظ بحّاح واضحاً وصريحاً وحازماً بتأكيده بأنه: “لن يمسك العصا من النصف, وأنه لن يقبل بوجود فاسد ولن يتركه, وأن أي فاسد يجب القبض عليه وتقديمه إلى النيابة”. 
 أما رموز الفساد وأشباحه الكبيرة التي لا تطالهم اليد؛ أكد: “أن مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية كفيلة بكشفهم والحد من فسادهم سواء كان في مجال النفط أم غيره من المجالات” مشدّداً على دور القضاء وأجهزة العدالة بالقيام بواجباتها ومهامها في ردع الفاسدين والمفسدين.
هكذا كان برنامج المهندس بحّاح في إطار مسؤولياته كوزير للنفط, فهل سيكون برنامج حكومته بهذه الصرامة والوضوح, وتعمل على الحد من الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وفي المجتمع, مع التسليم بأن ظاهرة الفساد وانتشارها لا تتحمّل الحكومة وحدها مسؤولية القضاء عليها أو الحد منها, فهي مسؤولية وطنية مشتركة تتحمّلها كل أطراف المجتمع أفراداً وجماعات وأحزاباً وتنظيمات سياسية, وقطاعاً خاصاً ومنظمات مجتمع مدني, باعتبار أن الفساد في المحصلة النهائية هو اتفاق غير قانوني وغير أخلاقي بين فاسد ومفسد, وقد يكون هذا الاتفاق طوعياً وبرغبة تامة بين الفاسد والمفسد بغية تحقيق مصالح مشتركة, أو أن يكون إجبارياً بقيام الطرف الفاسد بابتزاز الطرف الذي يسعى إلى قضاء مصالحه وفقاً للقوانين والأنظمة, ولكنه يصطدم بتعنُّت الفاسد وإصراره على عرقلته فيضطر إلى مجاراته..؟!. 
وهذه الممارسات يمكن أن يتم الحد منها بالتطبيق الصارم للقوانين, واتخاذ الإجراءات الرادعة ضد كل من يمارس أي نوع من الفساد, بالإضافة إلى تفعيل دور القضاء الإداري وتنفيذ أحكامه, وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب؛ لأن نجاح أية حكومة في إدارة شؤون البلاد مرهون بمدى قدرتها على التصدّي الحازم للفساد واجتثاثه مهما كانت الصعوبات, حتى لا يظل هذا الداء ينخر في جسد الوطن والدولة وكل الأجهزة التي لن تستطيع الصمود أمام هذا الغول المفترس إذا لم يواجه بشراسة وبإصرار. 
فالفساد بكل صوره وأشكاله يتوسّع بشكل كبير؛ نتيجة لتدنّي مستوى الوعي المجتمعي بمخاطر الفساد ونتائجه المدمّرة, وضعف الفهم العميق لما تفرضه “المواطنة الصالحة” التي تحتّم أن يتحمّل الجميع مسؤولياتهم في تطهير المجتمع من أية ممارسات من شأنها إفساد الحياة العامة سواء كانت تلك الممارسات في المجال السياسي والاقتصادي أم في الجانب الإداري والمالي وحتى المجتمعي, باعتبار أن الفساد يبدأ محدوداً ثم يستشري ويستفحل ويصبح من الصعب القضاء عليه مهما استخدمت من مسكّنات آنية إن لم يستخدم البتر لاستئصاله؛ لأن عدم الإدراك الكلّي والجزئي لمدى ما يمكن أن تسبّبه آفة الفساد بشتّى تجلياتها من أضرار بالغة والتي لا يمكن للقرارات الرسمية والإجراءات الحكومية وحدها إيقافها دون مشاركة حقيقية وفاعلة من كل شرائح المجتمع وفئاته ومنظماته المدنية وفي المقدّمة الأحزاب والتنظيمات والجماعات السياسية وخاصة تلك التي أصبحت مشاركة في الحكم التي لابد لها أن تساعد الحكومة في القضاء على الفساد حتى لا يظل حديثها عن هذا الداء ومحاربته مجرّد شعارات للاستهلاك وللمزايدة الإعلامية وتخدير عواطف الجماهير وتزييف وعي الناس وتبرير عجزها عن فعل أي شيء يحد من توحش الفساد الذي سيفترس الوطن والشعب والدولة بكامل أجهزتها ومؤسساتها المدنية والعسكرية, وسيصيب تلك الأحزاب والتنظيمات السياسية في مقتل ويقضي على مصداقيتها أمام الجماهير وأمام هيئاتها وأعضائها وأنصارها. 
واضح أن هناك صعوبات جمّة أمام الحكومة ستحد من اندفاعها للقضاء على اخطبوط الفساد المرعب الذي سيظل سيد الموقف والمتحكّم في كل مرافق الدولة والمجتمع مالم تتضافر الجهود الرسمية والشعبية لمواجهته. 

 ali_alshater@yahoo.com‏ 


في الثلاثاء 02 ديسمبر-كانون الأول 2014 09:33:55 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=2133