|
اثنان وخمسون عاماً مضت على قيام ثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بالنظام الملكي الإمامي الذي كان جاثماً على الجزء الشمالي والغربي من وطننا اليمني، وواحد وخمسون عاماً على قيام ثورة 14 أكتوبر التي أنهت حكم السلاطين والاستعمار البريطاني من الجزء الجنوبي والشرقي من الوطن الحبيب يوم 30 نوفمبر عام1967م وأربعة وعشرون عاماً وستة أشهر مضت على إعادة وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً ومازال شعبنا اليمني يعيش في دوامة الأزمات والصراعات والحروب الطاحنة على السلطة جرّاء التدخلات الخارجية التي تعمل على تغذية الخلافات وخلق الأزمات والصراعات على السلطة بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية وإثارة النزعات والنعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية.
جميع الحروب والصراعات والانقلابات التي شهدها وطننا اليمني على مدى الاثنين والخمسين عاماً الماضية سواء التي حدثت قبل إعادة وحدة الوطن في 22 مايو 1990م فيما كان يُعرف بالشطر الشمالي أم الحربين اللتين دارتا بين النظامين الشمالي والجنوبي الأولى عام 1972م والثانية عام 1978م، ثم الأزمات والصراعات والحروب التي حدثت بعد إعادة وحدة الوطن «الأزمة التي حدثت بين شريكي صانعي فجر الوحدة بعد نتائج الانتخابات البرلمانية الأولى التي جرت في إبريل 1993م والتي فشلت كل الجهود والمحاولات لاحتوائها فأدّت إلى نشوب حرب صيف 1994م، ثم حروب صعدة الستة والأزمة السياسية التي حدثت بين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وحزب الإصلاح وحلفائه في تكتل أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم قبل وأثناء وبعد الانتخابات الرئاسية والمحلية التي جرت في سبتمبر 2006م والتي أيضاً فشلت كل الجهود لاحتوائها فاستمرت حتى اندلعت الأزمة العصيبة في فبراير مطلع العام 2011م وكادت أن تؤدّي بالوطن والشعب إلى نفق مظلم لولا لطف الله وتدخل الأشقاء قادة دول مجلس التعاون الخليجي لاحتوائها عبر المبادرة الخليجية بدعم من الأمم المتحدة والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ورغم ما حدث من وفاق وطني وتوافق سياسي وانتقال السلطة سلمياً في الانتخابات الرئاسية المبكّرة التي جرت في 21 فبراير 2012م إلا أنه وللأسف الشديد مازالت التداعيات المؤسفة للأزمة تجر أذيالها حتى اليوم بسبب عدم توفر عامل الثقة والمصداقية لدى الأطراف السياسية وحساباتها الخاطئة واستخدامها لأساليب خلط الأوراق لتحقيق مكاسب سياسية وحزبية وشخصية على حساب المصلحة العليا للوطن والشعب إضافة إلى التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية.
أجزم أن الرهان على الخارج في إخراج الوطن والشعب من الأزمة الحالية هو رهان خاسر؛ لأن كل دولة لها حساباتها الخاصة وتعمل وفق ما يخدم مصالحها؛ لذلك تسعى كل منها إلى العمل على ما يخدم مصالحها على حساب المصلحة الوطنية العليا للشعب اليمني، ومن هذا المنطلق فإنه يتوجّب على كل القوى السياسية والاجتماعية في الساحة الوطنية العمل على إيجاد الحلول الناجعة للخروج من الأزمة بصورة عاجلة قبل أن تستفحل أكثر مما هي عليه.
إذ يتوجب توفر الإرادة السياسية الصادقة لدى الجميع للعمل بصورة عاجلة على إنجاز مشروع الدستور الجديد والشروع في الإعداد والتحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية في أقرب وقت ممكن باعتبار ذلك هو المخرج الوحيد والآمن للخروج بالوطن والشعب من دوامة الأزمة الطاحنة إلى بر الأمان؛ فكفى صراعات وأزمات دمّرت الوطن ومقدّرات الشعب وقوّضت آماله وتطلُّعاته في إيجاد دولة مدنية حديثة يسودها الأمن والاستقرار والسلام والعدل والمساواة والتقدُّم والازدهار وتطبيق الدستور والنظام والقانون على الجميع دون استثناء.
في الإثنين 15 ديسمبر-كانون الأول 2014 08:22:33 ص