|
«1ـ 2»
في إشارة لا تخلو من دلالة استضاف مركز الدراسات والبحوث اليمني في صنعاء نهاية الأسبوع الماضي السفير الجزائري لدى بلادنا الأخ كمال عبدالقادر حجازي لإلقاء محاضرة عن تجربة الجزائر في مجال السلم والمصالحة الوطنية، حيث تحدّث السفير عن التحدّيات والمرارات التي نجمت عن الحرب الأهلية طيلة عقد التسعينيات من القرن المنصرم وانعكاساتها السلبية على استقرار وتماسك المجتمع الجزائري وهدر إمكاناته البشرية والمادية، فضلاً عن تعطيل مسيرة البناء والتواصل الحضاري مع شعوب ودول المنطقة والعالم.
لقد كان حديث السفير الجزائري مروّعاً ومؤلماً وهو يستحضر تلك المأساة التي حصدت عشرات الآلاف من المواطنين الجزائريين جـرّاء تلك الحرب المدمّرة والتي دامت عدّة أعوام، وهي الحرب التي غذّتها روح التشدُّد والتصلُّب وكادت أن تأتي على الأخضر واليابس في هذا القطر الشقيق.
وللاستفادة من دروس تلك المحنة ولأخذ العظة والعبرة؛ لا بـأس أن نتوقّف أمام محاضرة السفير الجزائري؛ خاصة وهو يستحضر بعض مشاهد ووقائع وتفاصيل تلك المأساة التي وقعت في الجزائر، بل إن حديث السفير لم يخلُ من تطابق مع ما يجري في اليمن راهناً لجهة بروز هذه المخاطر والعمل الوطني الدؤوب الهادف إلى خلق مصالحة وطنية شاملة ترتكز على مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة؛ تماماً كما حدث في الجزائر التي أشركت كافة القوى بما فيها المتشدّدة لخوض غمار العملية السياسية حتى أضحوا أكثر المدافعين عن تلك التوافقات وإعادة بناء الجزائر بعد “العشرية الدموية السوداء” التي عاشها هذا البلد الشقيـق.
والحقيقـــة فـإن الأنمـوذج الجزائري المرير إنما يمثّل عبرة وعِظَةً لنا في هذا البلد وخاصة ونحن نخوض معترك التحوُّل السياسي السلمي ومخاطر رهانات تعطيل هذا المسار، فضلاً عن أن الدرس الجزائري في هذا الصدد يستحضر الأزمة الاحتراب الأهلي التي تعيشها المنطقة برمّتها راهناً؛ وهو ما يحثُّ الجميع في هذه البلدان –وتحديداً اليمن - على التمسُّك بالحد الأدنى من التوافق؛ وبالتالي تجنيب شعوب هذه الدول احتمالات الذهاب إلى المجهـول.
عندما نتوقف عند استحضار تلك المرارات؛ فلأن الوضع في اليمن يبدو أكثر هشاشة من وضع أي بلد آخر، وبالتالي فإن فاتورة الاحتراب الأهلي في هذا البلد ستكون كارثية بامتياز ولن تسعفه إمكاناته المعدومة أصلاً في استئناف دورة الحياة مجدّداً..!!.
غـداً حلقـة جديدة..
في الثلاثاء 16 ديسمبر-كانون الأول 2014 08:51:31 ص