|
وفي هذه الحلقة أستحضر – وغيري – تلك المؤشرات والأرقام المفزعة عن الحرب الأهلية في الجزائر؛ ليس بهدف استعادة تلك الأحزان وإنما لضرورة أن تتضافر جهود القوى اليمنية لتمثلها وبالتالي عدم تكرارها، ليس لأن الكلفة ستكون باهظة فقط وإنما لأننا أحوج ما نكون إلى عدم تكرارها والعمل من أجل إعادة البناء على أسس التوافقات التي وقّعت عليها الأطراف باعتبارها جميعاً تمثّل خارطة طريق إلى المستقبل، وأعتقد أن ذلك ليس بكثير على أهل الحكمة.
وبالمناسبة لا أنسى هنا التذكير بالمضامين المسؤولة التي احتوتها كلمة المفكّر والأديب الدكتور عبدالعزيز المقالح، رئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني الذي اعتبر التجربة الجزائرية في هذا الصدد إضافة فريدة أعادت الاستقرار والسلام إلى الشعب الجزائري الشقيق وأنهت حالات الاقتتال والخلافات التي ذهبت بعشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء، معتبراً تجربة المصالحة الوطنية الشاملة في الجزائر واحدة من النماذج التي تستحق الوقوف أمامها باهتمام واستبصار لاسيما ونحن في هذا البلد الذي تنهش جسده العليل الانقسامات والمنازعات وتفقده حالة الطمأنينة والاستقرار والعمل الدؤوب للخروج من قبضة التخلُّف وما يصاحبه من محاولات لإطفاء مشاعل الاستنارة والوقوف في وجه بناء الدولة المدنية العادلة والديمقراطية.
والخلاصة فإن استحضار مرارة تجربة العشرية الدموية السوداء في الجزائر جرّاء الاحتراب الأهلي الذي يعلّمنا أهمية ما توصّل إليه الأشقاء من استنتاجات تقود إلى نتيجة واحدة وهي أنه في الخاتمة لن يكون أحد منتصراً، وأن الجميع ـ واليمن في المقدمة ـ سيكون هو الخاسر الكبير، فما أحوجنا في هذا البلد بنُخبه السياسية والحزبية والفكرية إلى استحضار هذا الدرس والعمل منذ الآن على تكريس خطاب التوافق ونزع فتيل الاحتراب الذي يجري التحضير له - مع الأسف الشديد - فهل نتعظ من هذه التجربة وغيرها من التجارب المريرة، أم أن حالنا سيبقى كحال الذي تأبّط شرّاً كما هو معروف في التراث العربي والبقية أنتم تعلمونها..؟!.
في الأربعاء 17 ديسمبر-كانون الأول 2014 08:35:23 ص