|
بدأت تظهر في الآونة الأخيرة على سطح الحياة اليمنية سلوكيات وممارسات أقل ما يُمكن وصفها بأنها ضيّقة الأفق وتنطوي على جوانب مظلمة في النفس البشرية، خاصة تلك التي تحثُّ على التقوقع في الزوايا المذهبية والشطرية والمناطقية المقيتة إلى ما هنالك من أمراض العصبوية والشللية والقروية والتي باتت مع الأسف الشديد تبرز وكأنها حالة حضارية غير مسبوقة الاكتشاف..!!.
ومن الغريب حقاً أن تجد بعض من يُنظّر لهذه الأمراض وبخاصة بعض النُخب الثقافية والمجتمعيـة دون إدراك لمخاطر هذه القراءات المبتسرة للواقع حتى باتت هذه الأطروحات مؤخّراً وكأنها هي المنطق وما عداها عبثي ومأزوم.
لقد أفسحت حالة التسيُّب والانفلات الذي تشهده الساحة جرّاء استشراء أمراض التعصُّب بكل أشكاله، بل ووجدت لها مناخاً يتمثّّل في شيوع الفساد السياسي وحالة الانهيار المسيطر على كل شيء، حيث إنك لا تجد حرجاً عند البعض وهم يظهرون على الإعلام صباح مساء وهم يجتهدون لإقناع المواطن البسيط بسلامة تلك الأطروحات المنغلقة على الذات والمناطق والجغرافيا؛ وذلك بدلاً من أن تقدّم هذه النُخب مفاهيم المواطنة وتعزّز قيم المحبة والتآخي؛ إذ نجد تلك النُخب ـ مع الأسف الشديد ـ تبذل جهداً مضاعفاً لإثارة الضغائن والكراهية والبغضاء بين أبناء المناطق والمذاهب وبين البدو والحضر والسهول والجبال.
حقاً ما أحوجنا اليوم إلى ثورة شاملة في الفكر والمفاهيم تعمل على إيقاظ وإيقاف هذا الداء المستشري في الجسد اليمني وبحيث نقيم على أنقاضه جسوراً من التواصل والتعاون وإعادة الثقة بين الناس الذين كرّمهم الإسلام والمواثيق الإنسانية بأنهم متساوون في الحقوق والواجبات لا فرق بينهم إلّا بالتقوى والعمل.
وتبدو الإشكالية القائمة راهناً في المجتمع اليمني هي نتاج حالة من الفرز المذهبي والطائفي السائد في المنطقة العربية، تغذّيها دوائر خفية تناصب العداء للعروبة والإسلام، على أن المأساة في هذه الإشكالية أن أحداً لم يستوعب هذه الحقيقة حتى الآن، وبالتالي الذهاب إلى أبعد مدى بحثاً عن الذات الغارقة في إذكاء الفتن والصراعات التي تغذّيها أيضاً حالة القطيعة بين الواقع وحجم التناقضات الهائلة في المشهد برمّته..!!.
لذلك علينا منذ الآن استيعاب مخاطر هذه المعضلة الاجتماعية والنفسية بامتياز ومن ثم البحث عن علاج شامل لها يقينا الوقوع في أسر تداعياتها الخطيرة.
في الأربعاء 24 ديسمبر-كانون الأول 2014 08:38:55 ص