بعد سقوط القناع
كاتب/عبدالله الدهمشي
كاتب/عبدالله الدهمشي
في خضم الزحم الشعبي الهادر الذي شهدته اقطار ما عرف ب«الربيع العربي» ارتفعت أصوات الحديث عن الحرية والديمقراطية لا لتبرير حركة الاحتجاج الشعبي السلمي فحسب ، ولكن ايضاً للتبشير بانتقالة نوعية من حكم التسلط والفساد الى رشد سياسي يؤسس للديمقراطية ويقيم حكمها في مؤسسات الدولة ومكونات المجتمع. 
اسفرت المرحلة الانتقالية التي تلت سقوط أنظمة الحكم في عدد من الأقطار العربية عن بدائل سياسية اتجهت بقوة نحو تحويل عملية الانتقال الديمقراطي من بناء البديل السياسي الرشيد، الى وراثة الحكم القديم والحلول محل سلطته المنهارة تحت قوة الإرادة الشعبية المطالبة بالتغيير والانعتاق . 
هناك تكشفت الحقيقة حيث ظهر بالواقع العملي الملموس غياب الكتلة السياسية المستندة الى ثقل شعبي والتي تحمل مشروع البديل الديمقراطي وتعمل على إقامته في الواقع السياسي وبناء منظومته المؤسسية والثقافية في الدولة والمجتمع فلم يكن التحايل السياسي على فترة العام الانتقالي في تونس مختلفاً عن صيغة الاستقواء بالأغلبية العددية لصناديق الاقتراع في مصر، من حيث دلالتهما على توجه حركات التيار الديني نحو التمكن من سلطة الحكم بعيداً عن شروط ومتطلبات الانتقال الى الديمقراطية وإن عادت تونس إلى بعض الرشد بعد سقوط مرسي في مصر . 
وحتى لا يستبقنا المزايدون إلى غير ما نريده هنا ونقصده بهذا القول ، نقول إن الطموح الوطني في الوطن العربي الى الرشد السياسي والانتقال الكامل الى نظم الحكم الديمقراطي، هو الحقيقة المتجسدة في الواقع الشعبي وعناوينه السياسية والثقافية منذ بدء عصر النهضة ودعوته الى الاصلاح الديني والتحديث السياسي, ولئن انحرفت حركة الفعل السياسي عن هذا المسار تحت مبررات متعددة وضغوط زمنية فرضت أولوياتها المرحلية، فان الطموح الوطني بالمدنية والتحديث والتطلع الى رشد ديمقراطي بقيت من منظور الحاجة والمصلحة هم جامع للشعوب العربية وهدف ثابت للجموع الشعبية وحراكها السياسي..إن الديمقراطية لم ولن تكون آليات ترتهن في الحكم على شرعيتها وفي القبول بها الى أوهام وظنون الساسة ومسميات تقلبهم بين السلطة والمعارضة ذلك أن أولى أولويات الرشد السياسي تفرض ان نبدأ من شراكة وطنية كاملة ومشاركة سياسية فاعلة في صياغة عقد اجتماعي جامع للاختلاف وناظم للتعدد في سياق سلمي يدير الصراع على السلطة ويحسمه بغير اقصاء ولا استفراد. 
وأي استباق أو قفز على هذا العقد الاجتماعي لا يحول فقط دون نجاح المرحلة الانتقالية بل يؤكد غياب القوة الديمقراطية المعول عليها في بناء البديل الديمقراطي وتحمل المسئولية عن انجازه بالشراكة والمشاركة وبآليات التوافق على الجامع المشترك. 
albadeel.c@gmail.com 


في الخميس 25 ديسمبر-كانون الأول 2014 08:22:59 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=2229