الزراعة أساس التنمية
كاتب/عبدالله الدهمشي
كاتب/عبدالله الدهمشي
سبق لي أن تناولت الزراعة؛ باعتبارها الشرط الوجودي لحياة البشر والأساس المادي لحياتهم في الأرض وعليها, وهنا أضيف أن الزراعة بهذه الشرطية والأساس هي أيضاً أساس التنمية والرخاء ومحور النهوض الاقتصادي وازدهار الأمم والشعوب. 
ليست وحدها الحضارات القديمة التي ازدهرت حول الأحواض المائية من تبرهن محورية الزراعة في التقدم والتحضر, وإنما أيضاً الحضارات المعاصرة في حقبة ما بعد الثورة الصناعية؛ فهذه الحضارات قامت على الزراعة واستندت إليها وازدهرت بها ومعها في جدلية فرضتها الحياة على النشاط الإنساني ومقوماته وأهدافه. 
لقد شهدت الحضارات الإنسانية في عصر الثورة الصناعية وما بعدها تحولاً جوهرياً في الزراعة ابتداءً من العلم بجودة الزرع ومضاعفة المحصول, وشمل بعد ذلك التقدم في استصلاح الأراضي ومكافحة الآفات وتحسين السلالات وزيادة مواسم الحصاد وكمياته في جدل مستمر من التفاعل والتطور بين العلم والتقنيات, حتى إنه ما من بلد صناعي متقدم إلا وهو في الأصل متقدم زراعياً. 
وحين تكون الزراعة أساس التنمية ومحورها, فإنها تحدد أولوية الأراضي الزراعية عند تخطيط المدن بما يضمن أولاً وجود مساحات خضراء كافية بين المباني, وثانياً بما يحفظ بقاء المساحة الصالحة للزراعة على حالها, وثالثاً, باستصلاح الأرض البور, وحفظ مياه الري, ثم تطوير وسائل الحرث والحصاد. 
وإلى وقت قريب كانت المباني في اليمن تتركز في قمم الجبال والتلال بعيداً عن الأودية والقيعان, ولم يكن الأمر استراتيجية عسكرية فحسب بل كان رؤية حضارية تميز بين الأراضي الصالحة للزراعة وغيرها من المساحات الصالحة للبنيان, وكان برهان هذه الرؤية الحضارية قائماً فيما عرفناه وما لم نعرفه من هندسة الري والسدود والمدرجات وغيرها من الشواهد الدالة على تحضر وازدهار قام على الزراعة وازدهر بها ومعها في مجالات التجارة والصناعة. 
تكشف أزمة المياه التي تهدد الكثير من المدن اليمنية بينها العاصمة عن مأزق التنمية التي تجاهلت محورية الزراعة، وما يرتبط بها من اهتمام بمياه الأمطار وتخزين لها يستفاد منها ليس في الري فحسب بل وفي الحفاظ على مخزون المياه الجوفية بصورة تبقى توازناً معقولاً بين مياه الأمطار وكمية الاستهلاك. 
لعل التفكير بالزراعة والرعي يساهم في تصحيح الاختلال الكبير والخطير في عمليات التفكير والتقدير اللتين ذهبتا بنا نحو صراع مدمر للأرض والبشر وللحياة والأحياء, ففي اليمن وعلى أرضها ما يكفي أهلها للحياة برخاء ورغد, فقط إن هم كفوا عن سفك الدماء وإفساد الأرض وابتدأ صلاحاً بأنفسهم وإصلاحاً للأرض التي بها وعليها الحياة والحضارة. 

albadeel.c@gmail.com

في الخميس 01 يناير-كانون الثاني 2015 08:51:29 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=2260