|
تلك صفة مطلقة لمن يتحصَّنون بـ«المقدّس» لمآرب دنيوية صرفة، وهذا النفر من الناس ينحدرون بالدين الصافي إلى مرابع الدنيا وخساساتها السياسية والنفعية، ولهذا السبب جاءت التسميات القادحة لهذا النمط من توظيف الأديان لصالح الإنسان.
وقد شملت هذه التسميات المفاهيمية كامل الأديان المعروفة، سواء السماوية منها أم غير السماوية؛ لكنها اتخذت طابعاً أكثر فظاعةً وعُنفاً في الأديان الإبراهيمية المعروف منها والغائبة في دهاليز الدهر، ولهذا قيل بـ«الدين السياسي» توصيفاً لمن يستخدمون الدين لأغراض سياسية، وهُم كثر.
كما ذهب البعض إلى التفريق بين ثنائية الشريعة والحكمة، لاحظ على سبيل المثال «فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من اتصال» عند ابن رشد، كما فرّق آخرون بين الشريعة والحقيقة، كما عند الشعراني صاحب «الطبقات الكبرى» الذي يرى أن الشريعة التي يتقدَّم بها أصحاب الفرق ومجتهدوهم في التفسير والتأويل، تتباعد عن جوهر الحقيقة الدينية المتعالية على التضييق والتعصب.
وفي عصور التدوين تم استخدام مصطلح فقهاء السُلطان للتعبير عن ذلك التماهي السلبي بين السُلطان الدنيوي والنص الديني، بوصفه تماهياً ناجماً عن اجتهادات بشرية لا تخلو من المُخاتلة والمراوغة.
وفي أيامنا هذه نتحدّث عن «الدين السياسي» بوصفه بعيداً كل البُعد عن مقاصد الشريعة ومنابعها الصافية.
إن «الدين السياسي» المخطوف عن جوهر الدين الصافي والممسوس باستجداء الأدنى للتدليل على ما هو أعلى، إنما يقع في مخالب الأيديولوجيا بوصفها نموذجاً اجتهادياً دنيوياً يحاول تقديم الجواب عن سؤال واقعي أرضي، بعيد كل البُعد عن الميتافيزيقيا؛ أي عن الجوهر الماورائي الديني الغيبي الذي يقتضي فصلاً إجرائياً حاسماً بين الدين والدنيا، فالدين للحق المتعالي عن العباد، والدنيا لكلابها الضالّة.
قال الإمام الحكيم علي بن أبي طالب ـ كرّم الله ـ وجهه: «الدنيا جيفة، من أراد منها شيئاً؛ فليصبر على مُخالطة الكلاب».
Omaraziz105@gmail.com
في الإثنين 05 يناير-كانون الثاني 2015 09:04:11 ص