انحطاط الإعلام
كاتب/عبدالله الدهمشي
كاتب/عبدالله الدهمشي
من بديهيات المعرفة الإنسانية ومسلماتها أن الأشياء تتميز بضدها فلا يتشابه الضدان بما يميز كل منهما على الآخر, فالحق لا يلتقي الباطل أبداً والظلم لا يكون عدلاً, والإثم والعدوان لا يصبحان براً وإحساناً بأي حال من الأحوال وفي هذا التضاد وعليه لا يبرر للحق أن يكون باطلاً ولا للعدل أن يكون ظلماً, ولا للبر أن يكون إثماً, وإلا زال التضاد وتوحد الضدان في الاسم والسمة وفي الفعل والعاقبة. 
تورط الإعلام العربي في تبرير العدوان المجرّم والمحرم بدعوى أنه ضد الباطل والطغيان, وقيل للشعوب العربية إن جبروت بطش السلطة والسلطان, يبيح لها فعل الفواحش التي تمكنها من ردع الباطل ودفع بغيه وعدوانه, فكان ذلك هو الانحطاط الإعلامي الذي لم يتوقف حتى وهو يرى ما جنت رسالته من حصاد فائض بالخزي والإجرام. 
وحين نستحضر ليبيا وما جرى فيها وعليها في العام 2011م, نجد من عبرة التاريخ وأحداث اليوم, ما يكشف بشاعة الزلل في إثم البغي والعدوان بدعوى الحاجة إلى هذا البغي والمصلحة منه في دفع البطش والطغيان فكانت ليبيا ضحية لأطماع العدوانية الأطلسية ومسرحاً لفواحش البغي على أهلها والعدوان على حقها في السيادة والاستقلال, وحين تمضي ثلاث سنوات على مقتل الشهيد معمر القذافي, وفرار أكثر من مليونين من أنصاره ورجال دولته إلى الخارج والجوار في مصر وتونس, نتساءل عن الأسباب التي تبرر قتل الشعب الليبي وتدمير مقدراته وثرواته, وتحويل ليبيا إلى ساحة للصراع بين الدول التي توحدت تحت الأطلسي للعدوان ودعم الجماعات التي تقاتل بذات الشراسة التي كان عليها الاقتتال بين فصائل الجهاد في أفغانستان. 
يواصل الإعلام العربي انحطاطه في تبرير الجريمة وتسويق فحش أعمالها وقبح رجالها من عصابات الغدر والقتل المنتشرة في الوطن العربي تحت مسميات الدواعش وأنصار الشريعة وقاعدة الجهاد, وغير ذلك من الأسماء التي يضعها مستخدمو هذه العصابات لأهداف تحقق لها تدمير العروبة وتوسيع تجزئتها وتأبيد ضعفها وعجزها ليسهل على العدو الاحتفاظ بهيمنته على مواردها والتحكم في يومها وغدها, ولا يدرك هذا الإعلام ومن يموله ويخطط لحملاته ويصنع رسالته ويخرجها للشعوب أن العاقبة وخيمة والمآل جحيم لن يتأخر عنهم ولن يبتعدوا عنه, فلكل فعل عاقبة ولكل بداية نهاية. 
لن نخوض في تفاصيل انحطاط الإعلام وتسمية أكابر أهله في أيامنا, فذلك مما هو معروف ومشهود بالصورة والصوت لفضائيات لا تتورع عن تبرير جرائم الإرهاب الغادر وفحش أفعاله وقبح أقواله ورجاله, وقد لا يسقط التبرير ولا ينكشف التزوير, لكن ذلك لا يحول بين هذه الفضائيات وسوء المصير الذي ستصل إليه ذات يوم كحتم مقضي بما بررت به في أمسها القتل وناصرت به الخيانة والعدوان, وغداً لناظره لقريب. 
albadeel.c@gmail.com 


في السبت 10 يناير-كانون الثاني 2015 08:36:19 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=2295