|
تردّد هذا السؤال كثيراً، وتفاوتت الآراء توصيفاً وتحديداً لماهيّة الفن الإسلامي، واختلطت المفاهيم والمقاربات في هذا الباب؛ الأمر الذي يستلزم تحديد ماهيّة الفن الإسلامي، أو اعتباره محظ تخريجة أيديولوجية لا صلة لها بالحقيقة كما يزعم البعض.
وهنا أود الإشارة مباشرة إلى حقيقة كونية تتعلّق بالفنون المُجيّرة على الأديان، وليس على دين بحد ذاته، فالإسلام ليس بدعة في هذا الباب، والفن الإسلامي ليس حالة مُفارقة لمنظومة الفنون التي تبلورت في أساس المقولات الدينية ومرئياتها.
والأدلّة في هذا الباب كثيرة نذكر منها مثالاً لا حصراً فن «الرينيسانس» الإحيائي الكنسي الذي ساد أوروبا في القرون التي تلت القرن الثاني عشر الميلادي، وتمدّد حتى تخوم القرن الثامن عشر.
فالفن الذي ازدهر في فلورنسا وروما الإيطاليتين وأسهم فيه كبار أسماء ذلك العصر أمثال ليوناردو دافنشي ومايكل انجلو ورافائيل وغيرهم؛ ذلك الفن استمدّ رؤيته المرجعية من فلسفة التجسيد الكنسية الموصولة بالعهدين القديم والجديد.
فن «الرينسانس» أعاد إنتاج سير الأنبياء والرُسل في كتاب المسيحيين المقدّس فيما يمكن تسميته «موازات بصرية للنصوص المكتوبة» وقد مثّلت تلك الرؤية حالة تماهِ مع المقدّس الكنسي وحالة تكامل مع المشهد البانورامي للكنيسة الانجليكانية التاريخية.
ولعل تجربة الفنان الفلورنسي الكبير «مايكل أنجلو» التي أنجزها على جدران وسقف كنيسة «السستين» خير شاهد على التناص التناغمي المتكامل بين المقولة الدينية والنص البصري التشكيلي؛ وهو أمر لم يقف عند تخوم التصوير بل استطرد على الإنشاد الكنسي والعمارة وحتى الملابس وأشياء الاستخدامات المنزلية.
وهكذا كان الدين ناظماً كبيراً لحياة الناس وتعبيراتهم ومنطق تفكيرهم.
في الخميس 15 يناير-كانون الثاني 2015 09:20:13 ص