كان الشهيد الخالد معمر القذافي أول مواطن ليبي يتولى سلطة الحكم في ليبيا منذ الفتح الاسلامي لشمال أفريقيا, وحتى الفاتح من سبتمبر 1969م, باعتبار أن حكم الملك ادريس السنوسي كان منتقص السيادة والاستقلال بهيمنة القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية ونفوذ المستوطنين الطليان. 

وشهدت سوريا خلال عشرين عاماً من تاريخ استقلالها 1946م, وحتى 1971م خمسين محاولة انقلابية معظمها فاشلة, ليكون الرئيس بشار الأسد هو المواطن السوري الثالث عشر الذي يتولى سلطة الحكم في سوريا, منذ الفتح الاسلامي للشام وحتى تحرر سوريا من سلطة الاستعمار العسكري الفرنسي عام 1946م. 

وهكذا كان زين العابدين بن علي ثاني تونسي يحكم تونس, وكان مبارك رابع مصري يحكم مصر, وقس عليه, حيث يعود تاريخ تولي سلطة الحكم في معظم الأقطار العربية من قبل مواطنيها إلى 1950م تقريباً, عدا شمال اليمن التي استقلت عن السلطة العثمانية 1918م, والمملكة السعودية التي نشأت في القرن العشرين. 

سيطرت السلطنة العثمانية على مقاليد الحكم في الأقطار العربية لأكثر من اربعمائة عام, من 1516م, وحتى 1918م تاريخ آخر قطر عربي استقل عن السلطنة العثمانية, وهو شمال اليمن, وخلال هذه الفترة أقصي المواطن العربي والمجتمعات العربية عن المجال السياسي إقصاءً تاماً وشاملاً شئون المجالات النظرية والعملية, ثم خضعت الأقطار العربية لسلطة الاحتلال العسكري الأوروبي حتى التاريخ الافتراضي للاستقلال ونشوء الدولة الوطنية في الوطن العربي منتصف القرن الماضي. 

لم تكن المجتمعات العربية على صلة بالسياسة بأي قدر من الدراية أو حظ من الخبرة, فتوزعت طلائعها ونخبها بين الشرق والغرب وبين التراث والحداثة, في تجارب حاولت مواكبة العصر وبناء السلطة ومؤسسات الحكم, لكنها أخفقت في ذلك لأسباب يطول شرحها وإن كانت موجزة في دموية الصراع على السلطة, وبنائها على أساس من التسلط وشخصنة الحكم. 

لم يكن الحاكم العربي هو وحده الذي تأبد في السلطة, فمعظم حركات المعارضة عرفت تأبيد قياداتها وشهدت صراعات داخلية انتهت بانشقاقاتها وضعفت شعبيتها ونشاطها, وذلك لأن العرب حديثو عهد بالسياسة يجمعهم الجهل المعرفي بأصول الحكم وفقه السلطة وانعدام الخبرة بفنون الحكم والإدارة, وقواعد النظم المؤسسية والشرعية القانونية, لذلك يكون صراع العرب على السلطة دموياً ومدمراً لأنه محكوم بالصراع حول من يحكم دون انفتاح حول كيف يحكم. 

 albadeel.c@gmail.com