قتل اليمنيين مستمرٌ
دكتور/د.عادل الشجاع
دكتور/د.عادل الشجاع

هناك نفرٌ من الناس مازالوا يبرّرون أخطاءهم التي ارتكبوها في حق هذا الشعب بقولهم: «الثورة مستمرة» والحقيقة أن الثورة لم تكن موجودة حتى تستمر، فالموت هو المستمر الوحيد، وقطع الكهرباء هو المستمر، والفقر هو المستمر..!!. 
اليوم الشعب اليمني يُذبح في كل مكان، يُذبح في حضرموت، والبيضاء ومأرب وأبين وصنعاء وعدن ولحج وتعز وإب، وأفراد الجيش والأمن يُقتنصون في كل مكان والقنّاصون يتلذّذون بذلك وكأنهم يمارسون رياضة الصيد، كلما تفاءل الشعب أو ظنّ أن الحلول قادمة؛ أعلن الساسة أن أدوات القتل لم تستكمل بعد. 
ولست بحاجة إلى القول إن الدولة المدمّرة وجيشها المهيكل يخوضان معركة من نوع جديد تختلف عن كل المعارك التي خاضاها من قبل؛ فنحن نعلم أن المعركة ليست أمنية فقط، فنحن بحاجة إلى فتح جبهات عديدة منها التنمية ومنها إصلاح الخطاب الديني، وكذلك إعادة إصلاح المؤسّسات العامة والخاصة وتعبئتها للقيام بدورها. 
الإصلاح يحتاج إلى وقت، ويحتاج إلى إصرار وكذلك شرح وتغييرات هيكلية سواء في البنية التعليمية أم المعرفية، نحتاج إلى حرب ضد الإرهاب في الجنوب والوسط والشرق، فالعدو الذي يتربّص بالجميع ليس قويّاً ولا يمتلك قاعدة شعبية، ولا حتى لديه عدد كبير من المقاتلين، كل ما يمتلكه هو القدرة على العيش تحت الأرض، إضافة إلى الكر والفر والإرهاب بالمعنى الحرفي للكلمة، فهو يبثُّ الخوف الشديد في قلوب الناس حتى يصيروا رهينة الخوف. 
الإرهاب يحوّل ضعفه إلى قوّة ساعدته على ذلك القوى السياسية المتحاورة منذ زمن بعيد ولم تصل إلى حل بعد، يستهدف الجيش ويجعل كل جندي هدفاً للقتل والذبح، لذلك نقول لقادة الأحزاب السياسية الذين يتحدّثون باسم الشعب وهم يقتلونه صباح مساء: حان الوقت لأن تراجعوا الضمير الإنساني وأن ترفعوا شعار الحياة بدلاً عن شعار الموت الذي يجوب البلاد من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، وعلى حزب الإصلاح وجماعة الحوثي بوصفهما يرفعان شعارات دينية؛ عليهما أن يبتعدا عن الترويج للموت الذي يتبع بالجنّة ويغلّف بالشهادة؛ لأن مثل هذا الضلال يقتل أي نافذة للحوار أو الدخول في مصالحة، أو حتى القبول في استيعاب الآخر في إطار النظام السياسي الديمقراطي، وعلى هذه القوى أن تراجع نفسها قليلاً وتعطي مساحة للشرعية الدستورية؛ لأن غياب هذه المشروعية قد جعل هذه القوى بالإضافة إلى الوطن في مأزق كبير. 
إن عودة القوى السياسية إلى المشروعية الدستورية سيقنع المواطن بجدّية هذه القوى التي تتحدّث باسم الشعب أنها تسير على الطريق الديمقراطي. 
لماذا لا يتشارك الجميع في تحمُّل المسؤولية وليس في التقاسم أو المحاصصة..؟!، كما أن اليمن ـ كما تعلم هذه القوى ـ تحتاج إلى نظام بسيط ودستور بسيط كذلك، يحدّد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وبين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية؛ حينذاك سيتحقّق العدل والحرية والكرامة، وعلى هذه القوى أن تبتعد عن المماحكات والحقد والكراهية وثقافة الإقصاء الباعثة دائماً على العنف والإرباك خاصة في دولة نامية مثل اليمن. 
ولست أدري لماذا هذا التبسيط عصياً على القوى السياسية في هذا البلد، والتي تفضّل دائماً الخلاف والتعقيد خاصة منذ 2009م وحتى يومنا هذا، نحن اليوم تحت ضغوط زمنية ومتغيّرات تعقدت فيها المناقشات والحوارات الراشدة، على هذه القوى أن تتوقف أمام الظروف التاريخية التي تمرُّ بها البلاد، وكذلك الوضع الجغرافي والسكاني الذي يتمزّق ونحن نتفرّج عليه وكأن الأمر لا يعنينا. 
أضحت النُخبة السياسية متخبّطة إلى حد كبير، فضلاً عن الشباب الذين لم يستطيعوا تحديد بوصلة المستقبل، وعجزهم عن التوافق على المنهج السليم الذي ينبغي أن تسير عليه اليمن، هناك حالة من البلبلة لدى كل القوى السياسية. 
والسؤال: هل يوجد لهذه الأزمة من حل..؟! الجواب نعم يوجد، ومربط الفرس احترام الشعب والعودة إليه وتجنيبه القتل وجعل اليمن بلداً طبيعياً كما كان، ونتجاوز الخطاب الثوري. 


في السبت 14 مارس - آذار 2015 07:51:39 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=2562