|
لم يكن أغلب المراقبين السياسيين في الغرب والشرق ينتظرون جديداً في خطاب الإرهابي نتنياهو في الكونغرس، بل كان بعضهم يرى انه يشكل نوعاً من الهروب من المشكلات الجوهرية التي تواجهه داخل الكيان الصهيوني ولأول مرة في حياتي أتابع خطاباً كاملاً لهذا الإرهابي . وقد وجدت أنه بدأه بقصيدة مديح طويلة للرئيس باراك أوباما تعدد حسناته وفضائله ومساعداته اللامحدودة واللامسبوقة طوال فترة حكمه التي قاربت على الانتهاء.
ولخبثه لم يشر الإرهابي في خطابه المشار إليه وهو خطاب طويل إلى أكبر مساعدة قدمها الرئيس الأمريكي للكيان الصهيوني وهي عمله الأوضح في إشعال الفتن داخل الوطن العربي وإيصال أقطار هذا الوطن الكبير إلى حالة من الشتات والتقاطع لم يسبق لها مثيل. وهي خدمة نوعية لن ينساها له الكيان الصهيوني ولا قادته الإرهابيون الذين لم يكونوا يحلمون بها منذ أنشبت الصهيونية أظافرها في جسد الأرض العربية في فلسطين .
وإذا كان نتنياهو قد أشار بعد قصيدة المديح الطويلة لأوباما إلى خلاف أو اختلاف بين الكيان والبيت الأبيض، أو بالأحرى بينه وبين الرئيس الأمريكي فإنه اختلاف عارض لا يفسد للود الحميم قضية . وقد يكون في نظر بعضهم نوعاً من ذر الرماد في عيون الحاسدين الذين يستنكرون ما وصلت إليه العلاقة بين الدولة العظمى والكيان الإرهابي من تماه وصل ذروته في العدوان الصهيوني الأخير على مدينة غزة .
وفي هذا الصدد يرى بعض المتابعين لتصاعد هذه العلاقات أنه لو كان هناك خطر محدق بإحدى الولايات الأمريكية لما وجدت من الدعم المادي واللوجستي ما وجده الكيان الصهيوني من دعم ظاهر وخفي، وباعتبار أنه جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الأمريكي، وهذا هو العنوان البارز للعلاقة التي تأكدت أكثر فأكثر في عهد الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما .
ومن هنا فإن كل المراقبين داخل الولايات المتحدة خاصة يستبعدون أي خلاف - حتى ولو جزئي- بين واشنطن وتل أبيب، ووجود اختلاف ما في وجهات النظر حول موضوع ما لا يرتقي إلى درجة الخلاف ويبقى على السطح وخارج الموقف الثابت الذي أشار إليه الإرهابي بإعجاب لا محدود، وفي هذه الإشارة ما يلفت انتباهنا نحن العرب إلى حقيقة التحالف الاستراتيجي التاريخي وإخلاص القادة الأمريكيين في التفاني في خدمة الكيان الصهيوني ولو خسروا العالم كله.
كما لم يكن غريباً على الإطلاق ذلك الاستقبال المبالغ فيه من جانب أعضاء الكونغرس والإصغاء إلى الخطاب ومقاطعته بالتصفيقات الحادة التي لا تحدث إلاّ في ملاعب كرة القدم . عضو واحد من أعضاء الكونغرس التقطته عيني لم يقف ولم يلوث يديه بالتصفيق، وهو أسود البشرة أبيض القلب، لم تعجبه المهزلة أو "الزفة" المفتعلة ولم يقبل ضميره الحي أن يشارك فيها بتصفيق أو وقوف.
وأظن أنه لفت انتباه كل من شاهد الخطاب وتابع الهستيريا السياسية التي رافقته منذ البداية وحتى النهاية، وأكدت أن الذين يخونون ضمائرهم ومبادئهم فيما كان يسمى بالعالم الحر أكثر منهم في أي مكان على هذه الأرض البائسة.
والآن، وبعد الخطاب المشار إليه يتساءل بعضهم: هل حقاً أن الكيان الصهيوني الذي يمتلك ترسانة نووية هي الأخطر في المنطقة خائف أم أنه يتظاهر بالخوف؟ كما يتساءلون: ما موقعنا نحن بوضعنا الراهن مما يحدث حولنا؟ ولكن الأهم هو أين نحن وأين سلاحنا؟ وأين ذهبت وتذهب المليارات من دون أن نتمكن من امتلاك القوة الرادعة التي تحمي الأمة والوطن من المخاطر التي كان الكيان الصهيوني وسيبقى في مقدمتها! والاعتماد على النفس في زمن المتغيرات المذهلة ضرورة يقتضيها واجب الدفاع عن النفس وهو دفاع مشروع وقانوني "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ذلك ما يقوله الكتاب الحكيم، وهو الأصدق في كل ما قيل ويقال . فهل آن لنا أن نعي ونفهم؟
الخليج الإماراتية
في الإثنين 16 مارس - آذار 2015 08:56:41 ص