|
كأن السعادة جرفت عن اليمن مع انهيار سد مأرب, فمنذ ذاك التاريخ هذه البلاد غارقة في الحروب والنزاعات, وربما أكثرها خطورة ما يجري اليوم, فاذا كان انهيار السد فرق القبائل وشتتها في العالم العربي, فان انهيار اليمن اليوم سيجعل سيل الدم العرم يطال المنطقة ككل, فالى متى ستبقى الدول المعنية مكتوفة الايدي, ترى النار تقترب منها, وتتدحرج نحوها عبوات الفتن الناسفة ولا تحرك ساكنا؟
أمس قلنا ان على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التخلي عن سياسة الاستنكار والادانة, والنأي بالنفس عما يجري من مذابح في تلك الخاصرة, فيما كانت العبوات الناسفة تحصد أرواح العشرات من اليمنيين في مساجد عدة بالعاصمة صنعاء, هذه العبوات تؤسس لحرب مذهبية, تماما كما يجري في العراق الذي تركته دول الخليج لايران طوال 12 عاما تعيث فيه كما تشاء, الى ان اندلعت نيران الثأر بين السنة والشيعة, ودخلت بلاد الرافدين نفق حرب الالف عام.
واذا كان التاريخ كتب عن القبائل التي تفرقت أيدي سبأ قديما, فإنه أمام هول المقتلة الحالية سيكتب كثيرا عن سيل الدم الذي سينطلق من صنعاء ليطال كل هذه العواصم اذا لم تستدرك الامر, وتعمل على حماية نفسها من خلال حماية الشرعية اليمنية أولا, والحفاظ على وحدة اليمن عبر ضرب كل المشاريع التقسيمية التي تطبخ على نار الجثث البريئة, لتحقيق الجزء الخاص من المشروع الامبراطوري الساساني الجديد للمنطقة بأدوات يمنية.
صحيح, خيرا فعل الرئيس عبد ربه منصور هادي بخروجه من صنعاء, وإعلان عدن عاصمة سياسية موقتة, فبذلك استعاد المؤسسات الشرعية وأخرجها من دائرة سيطرة الانقلابيين الحوثيين, لكن اذا كان هادي الداعي دائما الى الحوار بين الاطراف اليمنية ولا يريد دماء, عليه إدراك ان الدم فرض عليه منذ اللحظة التي تحركت فيها ميليشيات الحوثيين نحو صنعاء, بل في تلك اللحظة فرض الدم على اليمنيين كافة, ومعهم دول “مجلس التعاون” لان تلك العصابة دفنت المبادرة الخليجية, وأهالت عليها تراب التحدي.
اليوم, ها هم يهددون عدن العاصمة الموقتة, والمجازر تتنقل من مدينة الى أخرى, فيما دول الخليج لا تزال تردد ان الشرعية اليمنية لم تطلب منها التدخل, بينما المطلوب منها ألا تنتظر طلبا للتدخل, فكما شنت الطائرات الاردنية والاماراتية والبحرينية غارات على تنظيم “داعش” في العراق حين أقدم مقاتلوه على حرق الطيار الاردني معاذ الكساسبة, وكما كانت قوات درع الجزيرة بالمرصاد للتهديدات الايرانية للبحرين في اجراء استباقي لردع أدواتها التخريبية في هذه المملكة الخليجية, على دول “التعاون” اليوم ان تبادر الى عمل استباقي في اليمن, ينهي عصر التعاسة الدموي الذي يعيشه, لأن عودة السعادة الى اليمن تعني سعادة دول الخليج, فهل تدرك دولنا ذلك؟
أحمد الجارالله
في الأحد 22 مارس - آذار 2015 08:58:21 ص