|
اقتحام وحدات من الجيش العراقي مدعومة من الحشد العشائري، وبغطاء جوي امريكي، مدينة الرمادي، ورفع العلم العراقي فوق المجمع الحكومي في وسطها، يشكل نكسة كبيرة لـ”الدولة الاسلامية”، وانتصارا اكبر لحكومة السيد حيدر العبادي، هي في حاجة ماسة اليه في وصل المعارضة القوية التي تواجهها حاليا من خصوم من مختلف المذاهب والاعراف (الاكراد).
من الواضح ان هناك اتفاقا بين القوتين العظميين، امريكا وروسيا، الى جانب حوالي مئة دولة من الشرق والغرب والشمال والجنوب، على تصفية هذه “الدولة” مع نهاية العام الميلادي الجديد، وقصقصة معظم اجنحتها في العراق وسورية، كمقدمة للقضاء عليها نهائيا، وبدأ تنفيذ هذا الاتفاق في تعزيز الجيش العراقي بالتدريب والتسليح، وتقوية شوكة قوات “البشمرغة” الكردية، مما ادى الى استعادة جبل سنجار وتكريت وبيجي، وتجفيف منابع الدعم المالي من خلال قصف الشاحنات، وآبار النفط الواقعة تحت سيطرة “الدولة الاسلامية”.
واذا صحت الانباء التي تحدثت عن اعتقال ابو عمر الشيشاني القائد العسكري لقوات “الدولة الاسلامية” مع عشرين آخرين من المسؤولين البارزين فيها، اثناء عملية انزال امريكي كردي جنوبي كركوك، ومقتل الف مقاتل في معركة استعادة الرمادي، فان الهزيمة تبدو باهظة جدا، ولكن من المؤكد ايضا، وفي الوقت نفسه ان عملية التحرير كانت كذلك ايضا، مع اننا لم نسمع حتى الآن، حجم الخسائر في صفوف القوات العراقية، والحشد العشائري المشاركة فيها.
***
الجيش العراقي الذي خاض هذه المعركة سيستعيد الثقة بنفسه، وقدراته، بعد هزيمته امام بضعة مئات من “الجهاديين” في الموصل والرمادي، وفراره بالآلاف من امامهم، وتسليم المدينتين دون قتال حقيقي، الامر الذي عرضه للكثير من الانتقادات، داخل العراق وخارجه، ودفع اشتون كارتر وزير الدفاع الامريكي الى “غسل يديه” من هذا الجيش، والقول بانه لا يملك ارادة القتال.
لا نعرف حجم مساهمة القوات الامريكية في تحرير مدينة الرمادي من قوات “الدولة الاسلامية”، او الدور الذي لعبه “المستشارون” الامريكيون في هذا المضمار، فهناك اكثر من خمسة آلاف من هؤلاء في العراق حاليا، واعترف الرئيس الامريكي باراك اوباما بإرسال قوات خاصة الى العراق قبل شهر، والطائرات الحربية الامريكية هي التي وفرت الغطاء الجوي، فما المانع من وجود قوات تقاتل او تدير المعارك على الارض.
التسجيل النادر الذي وجهه السيد ابو بكر البغدادي الى اسرائيل وتوعدها بهجمات، وقال فيه “ما نسينا اسرائيل لحظة، وباذن الله لن ننساها.. وقريبا قريبا باذن الله تسمعون دبيب المجاهدين تحاصركم.. طلائعهم في يوم ترونه بعيدا ونراه قريبا.. وسيكون حسابكم عسيرا”، هذا التسجيل يكشف استشعار زعيم “الدولة الاسلامية” بالخطر وضيق الخناق عليه وعلى قواته.
فهذه هي المرة الاولى التي يتحدث فيها السيد البغدادي عن اسرائيل، وتوعدها بحساب عسير، وتجاهله للقضية الفلسطينية طول الاعوام الثلاثة الماضية، وتبرير ذلك بإنشغاله “بالعدو القريب”، وتأجيل مرحلة مواجهة “العدو البعيد” عرضه ودولته للعديد من الاتهامات بموالاه الاسرائيليين والامريكان من قبل الكثير من الانظمة وجيوشها الالكترونية المنتشرة بكثرة على وسائط التواصل الاجتماعي، والسعودية منها بالذات.
السؤال الذي يتبادر الى اذهان الكثيرين بعد هذا الانتصار الكبير للقوات العراقية في استعادة مدينة الرمادي التي تشكل مفتاح العاصمة بغداد، عما اذا كان بداية النهاية لـ”الدولة الاسلامية” وبدء العد التنازلي لافول نجمها، وربما زوالها؟
من السابق لاوانه الاغراق في التفاؤل، وان كان من حق المنتصرين ان يرقصوا طربا ونشوة في المجمع الحكومي في الموصل، فهذا الانتصار ربما يتبخر بسرعة اذا ما عم الغرور اصحابه، واعماهم عن رؤية الاسباب الحقيقية لنمو “الدولة الاسلامية” وايجاد الحاضنة الشعبية لها، وهي ممارسة سياسة التهميش والاقصاء الطائفي، ولعل منع مشاركة ميليشيات شيعية في عملية تحرير الرمادي، احد المحاولات للاعتراف بهذا الخطأ والعمل على تجنبه، وعدم تكرار التجاوزات التي حصلت في تكريت في مناطق اخرى في محافظة صلاح الدين.
انسحاب مقاتلي “الدولة الاسلامية” وتمترسهم في مدينة الموصل، باعتبارها آخر، واهم معاقلهم في العراق، سيجعل من معركة استعادة السيطرة على المدينة، او “تحريرها”، “ام المعارك”، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، ويبدو ان المسألة باتت مسألة ايام معدودة، لكنها لن تكون معركة سهلة، وقد لا تنتهي بالسرعة نفسها التي انتهت بها معركة الرمادي.
السؤال الآخر المهم هو عن “الخطة B” التي توجد في جعبة التحالف الروسي الامريكي التي ستطبق في حال الانتصار المفترض على “الدولة الاسلامية”، وما هي البدائل لها، وللحاضنة التي تمثلها وتستمد قوتها منها، والسؤال نفسه يمكن ان يتم طرحه بالنسبة الى “الدولة الاسلامية” نفسها، وعن خططها البديلة، واذا كانت تملكها، في حال تشديد الخناق عليها والقضاء عليها بالتالي؟
لا نعتقد، ومن خلال متابعتنا لما حدث في ليبيا والعراق واليمن، وان التحالف الامريكي يملك اي خطط بديلة لمرحلة ما بعد الاحتلال والدمار والقتل، وتغيير الانظمة، والشيء نفسه ينطبق على الدول او الحكومات الدائرة في فلكه.
بدائل “الدولة الاسلامية” معروفة وهي مواصلة اعمال العنف والارهاب، والعمل تحت الارض، وتوسيع دائرة الهجمات، والتحول الى الاعمال والهجمات والتفجيرات الثأرية الانتقامية، وهزيمتها في الرمادي والرقة والموصل في حال حدوثها، وهو امر قد يحتاج الى سنوات، قد لا تعني اختفاءها كليا، اذا استمرت الاسباب التي ادت الى صعودها.
***
صحافي ياباني زارني في لندن لاجراء لقاء معي حول كتابي الجديد Islamic State The Digital caliphate، قال لي لماذا تتعمد امريكا الاقصاء والتهميش مع العرب والمسلمين، خاصة بعد احتلالها لارضهم، وتغييرها لانظمتهم؟ واستطرد قائلا: “امريكا بعد احتلالها اليابان بعد الحرب العالمية الثانية اعادت بناء اليابان، واغرقت قوات الجيش الياباني المحلول بالمكافآت المالية والرواتب والتقاعد المريح؟ فلماذا لم تفعل ذلك مع العراقيين، وجنود الجيش العراقي الذي احتلته؟”.
اجبته بالقول لانها تكره العرب والمسلمين وتعتبرهم خطرا عليها، الم يقل الرئيس السابق جورج بوش الابن انه يشن حربا صليبية على العرب والمسلمين اثناء ارسال قواته لاحتلال العراق؟
دونالد ترامب المرشح الرئاسي الجمهوري للرئاسة عبّر بصوت مرتفع وصريح عن هذه السياسة عندما طالب بمنع المسلمين من دخول امريكا، وتقدمه الكبير في استطلاعات الرأي على اقرب منافسيه، خير دليل على ذلك.. وما خفي كان، وسيكون اعظم.
من الواضح ان هناك اتفاقا بين القوتين العظميين، امريكا وروسيا، الى جانب حوالي مئة دولة من الشرق والغرب والشمال والجنوب، على تصفية هذه “الدولة” مع نهاية العام الميلادي الجديد، وقصقصة معظم اجنحتها في العراق وسورية، كمقدمة للقضاء عليها نهائيا، وبدأ تنفيذ هذا الاتفاق في تعزيز الجيش العراقي بالتدريب والتسليح، وتقوية شوكة قوات “البشمرغة” الكردية، مما ادى الى استعادة جبل سنجار وتكريت وبيجي، وتجفيف منابع الدعم المالي من خلال قصف الشاحنات، وآبار النفط الواقعة تحت سيطرة “الدولة الاسلامية”.
واذا صحت الانباء التي تحدثت عن اعتقال ابو عمر الشيشاني القائد العسكري لقوات “الدولة الاسلامية” مع عشرين آخرين من المسؤولين البارزين فيها، اثناء عملية انزال امريكي كردي جنوبي كركوك، ومقتل الف مقاتل في معركة استعادة الرمادي، فان الهزيمة تبدو باهظة جدا، ولكن من المؤكد ايضا، وفي الوقت نفسه ان عملية التحرير كانت كذلك ايضا، مع اننا لم نسمع حتى الآن، حجم الخسائر في صفوف القوات العراقية، والحشد العشائري المشاركة فيها.
***
الجيش العراقي الذي خاض هذه المعركة سيستعيد الثقة بنفسه، وقدراته، بعد هزيمته امام بضعة مئات من “الجهاديين” في الموصل والرمادي، وفراره بالآلاف من امامهم، وتسليم المدينتين دون قتال حقيقي، الامر الذي عرضه للكثير من الانتقادات، داخل العراق وخارجه، ودفع اشتون كارتر وزير الدفاع الامريكي الى “غسل يديه” من هذا الجيش، والقول بانه لا يملك ارادة القتال.
لا نعرف حجم مساهمة القوات الامريكية في تحرير مدينة الرمادي من قوات “الدولة الاسلامية”، او الدور الذي لعبه “المستشارون” الامريكيون في هذا المضمار، فهناك اكثر من خمسة آلاف من هؤلاء في العراق حاليا، واعترف الرئيس الامريكي باراك اوباما بإرسال قوات خاصة الى العراق قبل شهر، والطائرات الحربية الامريكية هي التي وفرت الغطاء الجوي، فما المانع من وجود قوات تقاتل او تدير المعارك على الارض.
التسجيل النادر الذي وجهه السيد ابو بكر البغدادي الى اسرائيل وتوعدها بهجمات، وقال فيه “ما نسينا اسرائيل لحظة، وباذن الله لن ننساها.. وقريبا قريبا باذن الله تسمعون دبيب المجاهدين تحاصركم.. طلائعهم في يوم ترونه بعيدا ونراه قريبا.. وسيكون حسابكم عسيرا”، هذا التسجيل يكشف استشعار زعيم “الدولة الاسلامية” بالخطر وضيق الخناق عليه وعلى قواته.
فهذه هي المرة الاولى التي يتحدث فيها السيد البغدادي عن اسرائيل، وتوعدها بحساب عسير، وتجاهله للقضية الفلسطينية طول الاعوام الثلاثة الماضية، وتبرير ذلك بإنشغاله “بالعدو القريب”، وتأجيل مرحلة مواجهة “العدو البعيد” عرضه ودولته للعديد من الاتهامات بموالاه الاسرائيليين والامريكان من قبل الكثير من الانظمة وجيوشها الالكترونية المنتشرة بكثرة على وسائط التواصل الاجتماعي، والسعودية منها بالذات.
السؤال الذي يتبادر الى اذهان الكثيرين بعد هذا الانتصار الكبير للقوات العراقية في استعادة مدينة الرمادي التي تشكل مفتاح العاصمة بغداد، عما اذا كان بداية النهاية لـ”الدولة الاسلامية” وبدء العد التنازلي لافول نجمها، وربما زوالها؟
من السابق لاوانه الاغراق في التفاؤل، وان كان من حق المنتصرين ان يرقصوا طربا ونشوة في المجمع الحكومي في الموصل، فهذا الانتصار ربما يتبخر بسرعة اذا ما عم الغرور اصحابه، واعماهم عن رؤية الاسباب الحقيقية لنمو “الدولة الاسلامية” وايجاد الحاضنة الشعبية لها، وهي ممارسة سياسة التهميش والاقصاء الطائفي، ولعل منع مشاركة ميليشيات شيعية في عملية تحرير الرمادي، احد المحاولات للاعتراف بهذا الخطأ والعمل على تجنبه، وعدم تكرار التجاوزات التي حصلت في تكريت في مناطق اخرى في محافظة صلاح الدين.
انسحاب مقاتلي “الدولة الاسلامية” وتمترسهم في مدينة الموصل، باعتبارها آخر، واهم معاقلهم في العراق، سيجعل من معركة استعادة السيطرة على المدينة، او “تحريرها”، “ام المعارك”، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، ويبدو ان المسألة باتت مسألة ايام معدودة، لكنها لن تكون معركة سهلة، وقد لا تنتهي بالسرعة نفسها التي انتهت بها معركة الرمادي.
السؤال الآخر المهم هو عن “الخطة B” التي توجد في جعبة التحالف الروسي الامريكي التي ستطبق في حال الانتصار المفترض على “الدولة الاسلامية”، وما هي البدائل لها، وللحاضنة التي تمثلها وتستمد قوتها منها، والسؤال نفسه يمكن ان يتم طرحه بالنسبة الى “الدولة الاسلامية” نفسها، وعن خططها البديلة، واذا كانت تملكها، في حال تشديد الخناق عليها والقضاء عليها بالتالي؟
لا نعتقد، ومن خلال متابعتنا لما حدث في ليبيا والعراق واليمن، وان التحالف الامريكي يملك اي خطط بديلة لمرحلة ما بعد الاحتلال والدمار والقتل، وتغيير الانظمة، والشيء نفسه ينطبق على الدول او الحكومات الدائرة في فلكه.
بدائل “الدولة الاسلامية” معروفة وهي مواصلة اعمال العنف والارهاب، والعمل تحت الارض، وتوسيع دائرة الهجمات، والتحول الى الاعمال والهجمات والتفجيرات الثأرية الانتقامية، وهزيمتها في الرمادي والرقة والموصل في حال حدوثها، وهو امر قد يحتاج الى سنوات، قد لا تعني اختفاءها كليا، اذا استمرت الاسباب التي ادت الى صعودها.
***
صحافي ياباني زارني في لندن لاجراء لقاء معي حول كتابي الجديد Islamic State The Digital caliphate، قال لي لماذا تتعمد امريكا الاقصاء والتهميش مع العرب والمسلمين، خاصة بعد احتلالها لارضهم، وتغييرها لانظمتهم؟ واستطرد قائلا: “امريكا بعد احتلالها اليابان بعد الحرب العالمية الثانية اعادت بناء اليابان، واغرقت قوات الجيش الياباني المحلول بالمكافآت المالية والرواتب والتقاعد المريح؟ فلماذا لم تفعل ذلك مع العراقيين، وجنود الجيش العراقي الذي احتلته؟”.
اجبته بالقول لانها تكره العرب والمسلمين وتعتبرهم خطرا عليها، الم يقل الرئيس السابق جورج بوش الابن انه يشن حربا صليبية على العرب والمسلمين اثناء ارسال قواته لاحتلال العراق؟
دونالد ترامب المرشح الرئاسي الجمهوري للرئاسة عبّر بصوت مرتفع وصريح عن هذه السياسة عندما طالب بمنع المسلمين من دخول امريكا، وتقدمه الكبير في استطلاعات الرأي على اقرب منافسيه، خير دليل على ذلك.. وما خفي كان، وسيكون اعظم.
في الأربعاء 30 ديسمبر-كانون الأول 2015 10:17:28 ص