|
لم تعد الحرب للقضاء على “الدولة الاسلامية” تتصدر الاهتمام الاقليمي والدولي بالشكل الذي كانت عليه قبل اسابيع فقط، كما ان الآمال ببدء مفاوضات بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة في غضون اسبوعين للاتفاق على حكومة وحدة وطنية وصلاحياتها تمهيدا للوصول الى الانتخابات، والدستور، والحل السياسي في نهاية المطاف، كلها تبخرت وعادت الازمة السورية بالتالي الى المربع الاول، ولو الى حين.
***
المملكة العربية السعودية تتعمد التصعيد الدبلوماسي، والتحشيد السني، في مواجهة ايران التي تميل الى التهدئة للحفاظ على مكاسبها الاستراتيجية في سورية من خلال تحالفها مع روسيا، وما نتج عنه من تقدم على الارض، وفي اليمن من خلال توريط خصمها السعودي في اليمن، واستخدام الاقليات الشيعية في الخليج كورقة ضغط وتهديد اضافية، وربما ايضا لتحويل الانظار عن تعثر “عاصفة الحزم”، وتفاقم حالة التململ الداخلي نتيجة لذلك، ولاوضاع اقتصادية متراجعة.
النهج السعودي الراهن يتعمد محاولة افساد كل ما حققته ايران من مكتسبات بسبب نجاحها في عقد اتفاق نووي مع الدول الست العظمى يؤدي الى رفع الحصار عنها، وعودتها بالتالي كقوة “مقبولة” وليس “ارهابية” الى المجتمع الدولي، فهذه العودة الايرانية التي ستبدأ في منتصف العام الجديد “نظريا” ستعني العودة الى الاسواق النفطية، واسترداد مليارات من الدولارات مجمدة، وشراء اسلحة جديدة متقدمة من روسيا والصين على وجه الخصوص.
اعدام المرجع الشيعي السعودي نمر باقر النمر يوم السبت الماضي كان احد اركان هذا النهج في صيغته التكتيكية، ورد الفعل الايراني المتهور بحرق السفارة السعودية في طهران اكد نجاحه، ووقوع ايران في مصيدته في التوقيت الخطأ، مع تسليمنا المسبق، بأن ايران ليست بريئة مطلقا من توظيف الورقة الطائفية لخدمة مصالحها.
الخطة السعودية نجحت في استفزاز ايران، وصب كمية هائلة من البنزين على التأزيم الطائفي، لكنها لم تحقق النجاح نفسه على صعيد التحشيد والتعبئة، للحكومات السنية على الاقل في مواجهة ايران، فتركيا التي دخلت قبل اسبوع في مجلس تعاون استراتيجي مع السعودية لم تغلق سفارة، ولم تسحب سفيرها في طهران، وادارت وجهها الى الناحية الاخرى، واخفت موقفها في النأي عن النفس، بإعرابها عن الاستعداد للتوسط بين طرفي الصراع السعودي الايراني للوصول الى تسوية، اما الكويت، العضو المؤسس في مجلس التعاون الخليجي فلم تقطع علاقات مع ايران هي الاخرى، واكتفت باستدعاء سفيرها في طهران للتشاور، ولم تطرد السفير الايراني وتغلق سفارته، مثلما فعلت البحرين، او تخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي الى المستوى القائم بالاعمال، مثلما فعلت الامارات.
خيبة الامل السعودية من حالة “الفتور” في محيطها الخليجي والعربي، دفعتها للاقدام على خطوتين: الاولى توجيه الدعوة الى اجتماع طارىء لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض السبت، واخرى لعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة في القاهرة لتصعيد عملية التحشيد السياسي العربي والخليجي في مواجهة ايران.
المتشددون في الجانبين السعودي والايراني هم ابرز المستفيدين من اعمال التصعيد والتحشيد الطائفي هذه، اما الخاسرون فهم العقلاء والمعتدلون الذين يدركون حجم المخاطر، ويقيمون نتائجها الكارثية جيدا، ومن يتابع اعمال التحريض الطائفي على الانتقام والثأر في وسائل الاعلام الايرانية والسعودية يدرك جيدا ما نقول.
***
فرص الحل السياسي للازمة السورية تراجعت الى الدرك الاسفل، والجهود التي بذلت لتحسينها طوال النصف الثاني من العام الماضي، ذهبت ادراج الرياح، والمعارضة السورية التي تسيطر عليها وقرارها المملكة العربية السعودية، وتتخذ من الرياض مقرا لها ستتشدد اكثر في مواقفها بإيعاز سعودي مرفوق بوعود بتزويد فصائلها المقاتلة على الارض بأسلحة حديثة متقدمة.
تنظيما “الدولة الاسلامية” و”القاعدة” في كل من العراق وسورية واليمن سيخرجان اكثر قوة من هذه الحرب الطائفية الباردة التي بدت امرا واقعا في المنطقة، فالتحريض الطائفي للسنة من قبل السعودية قد يؤدي الى زيادة دعم ابناء الطائفة في العراق وسورية لـ”الدولة الاسلامية”، وتدفق متطوعين اليها من مختلف انحاء العالم الاسلامي، بعد خسارتها لمدينة الرمادي او معظمها، واعدام 42 متهما من عناصر “القاعدة” من قبل السعودية يوم السبت الماضي قد يؤدي الى انهاء “هدنة” غير معلنة من قبل التنظيم مع قوات التحالف السعودي في اليمن، وما حدث من تصعيد من قبل هذا التنظيم في الهجمات ضد التحالف في عدن طوال اليومين الماضيين، ونجاة محافظي عدن ولحج من محاولة اغتيال بسيارة ملغومة بأعجوبة، هو احد الادلة، وبداية التحرك الهجومي المتوقع تصاعده.
المنطقة تعيش حاليا على حافة هاوية حرب طائفية، سنية وشيعية، او هكذا يراد لها ان تكون، وهي حرب اذا اندلعت، واحتمالات اندلاعها هي الاكبر، ستطيح بأنظمة، وتغير حدودا، وتقسم دول كانت تعتقد انها محصنة من الثورة والتقسيم، بل والتفتيت.. والايام بيننا.
***
المملكة العربية السعودية تتعمد التصعيد الدبلوماسي، والتحشيد السني، في مواجهة ايران التي تميل الى التهدئة للحفاظ على مكاسبها الاستراتيجية في سورية من خلال تحالفها مع روسيا، وما نتج عنه من تقدم على الارض، وفي اليمن من خلال توريط خصمها السعودي في اليمن، واستخدام الاقليات الشيعية في الخليج كورقة ضغط وتهديد اضافية، وربما ايضا لتحويل الانظار عن تعثر “عاصفة الحزم”، وتفاقم حالة التململ الداخلي نتيجة لذلك، ولاوضاع اقتصادية متراجعة.
النهج السعودي الراهن يتعمد محاولة افساد كل ما حققته ايران من مكتسبات بسبب نجاحها في عقد اتفاق نووي مع الدول الست العظمى يؤدي الى رفع الحصار عنها، وعودتها بالتالي كقوة “مقبولة” وليس “ارهابية” الى المجتمع الدولي، فهذه العودة الايرانية التي ستبدأ في منتصف العام الجديد “نظريا” ستعني العودة الى الاسواق النفطية، واسترداد مليارات من الدولارات مجمدة، وشراء اسلحة جديدة متقدمة من روسيا والصين على وجه الخصوص.
اعدام المرجع الشيعي السعودي نمر باقر النمر يوم السبت الماضي كان احد اركان هذا النهج في صيغته التكتيكية، ورد الفعل الايراني المتهور بحرق السفارة السعودية في طهران اكد نجاحه، ووقوع ايران في مصيدته في التوقيت الخطأ، مع تسليمنا المسبق، بأن ايران ليست بريئة مطلقا من توظيف الورقة الطائفية لخدمة مصالحها.
الخطة السعودية نجحت في استفزاز ايران، وصب كمية هائلة من البنزين على التأزيم الطائفي، لكنها لم تحقق النجاح نفسه على صعيد التحشيد والتعبئة، للحكومات السنية على الاقل في مواجهة ايران، فتركيا التي دخلت قبل اسبوع في مجلس تعاون استراتيجي مع السعودية لم تغلق سفارة، ولم تسحب سفيرها في طهران، وادارت وجهها الى الناحية الاخرى، واخفت موقفها في النأي عن النفس، بإعرابها عن الاستعداد للتوسط بين طرفي الصراع السعودي الايراني للوصول الى تسوية، اما الكويت، العضو المؤسس في مجلس التعاون الخليجي فلم تقطع علاقات مع ايران هي الاخرى، واكتفت باستدعاء سفيرها في طهران للتشاور، ولم تطرد السفير الايراني وتغلق سفارته، مثلما فعلت البحرين، او تخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي الى المستوى القائم بالاعمال، مثلما فعلت الامارات.
خيبة الامل السعودية من حالة “الفتور” في محيطها الخليجي والعربي، دفعتها للاقدام على خطوتين: الاولى توجيه الدعوة الى اجتماع طارىء لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض السبت، واخرى لعقد اجتماع لوزراء الخارجية العرب في مقر الجامعة في القاهرة لتصعيد عملية التحشيد السياسي العربي والخليجي في مواجهة ايران.
المتشددون في الجانبين السعودي والايراني هم ابرز المستفيدين من اعمال التصعيد والتحشيد الطائفي هذه، اما الخاسرون فهم العقلاء والمعتدلون الذين يدركون حجم المخاطر، ويقيمون نتائجها الكارثية جيدا، ومن يتابع اعمال التحريض الطائفي على الانتقام والثأر في وسائل الاعلام الايرانية والسعودية يدرك جيدا ما نقول.
***
فرص الحل السياسي للازمة السورية تراجعت الى الدرك الاسفل، والجهود التي بذلت لتحسينها طوال النصف الثاني من العام الماضي، ذهبت ادراج الرياح، والمعارضة السورية التي تسيطر عليها وقرارها المملكة العربية السعودية، وتتخذ من الرياض مقرا لها ستتشدد اكثر في مواقفها بإيعاز سعودي مرفوق بوعود بتزويد فصائلها المقاتلة على الارض بأسلحة حديثة متقدمة.
تنظيما “الدولة الاسلامية” و”القاعدة” في كل من العراق وسورية واليمن سيخرجان اكثر قوة من هذه الحرب الطائفية الباردة التي بدت امرا واقعا في المنطقة، فالتحريض الطائفي للسنة من قبل السعودية قد يؤدي الى زيادة دعم ابناء الطائفة في العراق وسورية لـ”الدولة الاسلامية”، وتدفق متطوعين اليها من مختلف انحاء العالم الاسلامي، بعد خسارتها لمدينة الرمادي او معظمها، واعدام 42 متهما من عناصر “القاعدة” من قبل السعودية يوم السبت الماضي قد يؤدي الى انهاء “هدنة” غير معلنة من قبل التنظيم مع قوات التحالف السعودي في اليمن، وما حدث من تصعيد من قبل هذا التنظيم في الهجمات ضد التحالف في عدن طوال اليومين الماضيين، ونجاة محافظي عدن ولحج من محاولة اغتيال بسيارة ملغومة بأعجوبة، هو احد الادلة، وبداية التحرك الهجومي المتوقع تصاعده.
المنطقة تعيش حاليا على حافة هاوية حرب طائفية، سنية وشيعية، او هكذا يراد لها ان تكون، وهي حرب اذا اندلعت، واحتمالات اندلاعها هي الاكبر، ستطيح بأنظمة، وتغير حدودا، وتقسم دول كانت تعتقد انها محصنة من الثورة والتقسيم، بل والتفتيت.. والايام بيننا.
في الخميس 07 يناير-كانون الثاني 2016 09:11:36 ص