|
وفي 1993م، سعى أقطاب الحزب الاشتراكي للانفصال، بعدما حصلوا على 56 مقعداً فقط من مقاعد مجلس النواب ال 301. وبهذه النتيجة، أحست قيادات الحزب بتقلّص شعبيتها في جنوب اليمن، في حين أنها دخلت الوحدة اليمنية بهدف نشر الفكر الاشتراكي في شمال اليمن، ولكن الذي حدث، أن حزبي المؤتمر والإصلاح شاركا الحزب الاشتراكي في جنوب اليمن بعدما كان الجنوب كله اشتراكياً، رافق ذلك رواج بسيط للفكر الاشتراكي في بعض المناطق بشمال اليمن وتحديداً بعض المناطق المحسوبة على قبيلة "بكيل" كما ورد في كتاب (انفصال يشعل حرباً) للكاتب محمد زين، وهذه الحسبة تُشير إلى خسارة فادحة للحزب الاشتراكي وإنذار بأفول نجمه في شبه الجزيرة العربية، وقد تجلى هذا الفشل في الانتخابات المحلية سنة 2001م حين حصل الحزب الاشتراكي على 4% فقط من إجمالي نسبة عدد المقاعد.
بعد انتهاء الحرب وفشل مشروع الانفصال، بالإضافة إلى فشل أحزاب المعارضة في مجابهة حزب المؤتمر الحاكم، دعت حاجة الحزب الاشتراكي إلى قبول فكرة التحالف مع حركة الإخوان المسلمين سنة2006م، متغاضياً عن العداء التاريخي بينهما، وذلك بهدف إنقاذ الحزب الاشتراكي اليمني من التلاشي -بهذا كان لحركة الإخوان المسلمين في اليمن الفضل في إبقاء الاشتراكية على قيد الحياة السياسة اليمنية- كما أن هذا التحالف كان سبباً إضافياً ودافعاً بالحزب الاشتراكي إلى تطعيم إيديولوجياته ببعض الإصلاحات الفكرية التي تضمن للحزب بقاؤه على الساحة السياسية.
لم يرق لكثير من قيادات وأعضاء الحزب الاشتراكي خطوة التحالف مع العدو، واستقال البعض من الحزب وانعزل كثير منهم النشاط الحزبي، وبقي آخرون في الحزب مع وجود تذمر داخلي يرفض هذا التحالف، وعندما ظهرت مؤخراً بعض التيارات التي تطالب ببعض الحقوق في جنوب اليمن؛ رأت قيادات الحزب الاشتراكي التي استقالت من الحزب، وتلك المتذمرة التي بقت في الحزب، أن ركوب موجة المطالب الحقوقية وتحويلها إلى مطلب الانفصال، وسيلة سهلة وقادرة على إرجاع أمجاد الحزب الاشتراكي وحكم جنوب اليمن من جديد بعيداً عن مشقة التعددية الحزبية والتنافس السياسي.
تم ذلك، وأصبحت قيادات وأعضاء الحزب الاشتراكي المتمردة على الأمانة العامة للحزب، والرافضة لشراكة الإخوان المسلمين؛ هي من تقود ما يسمى بحراك جنوب اليمن، وحولته من حراك حقوقي إلى سياسي يطالب بدولة جنوب اليمن التي كان يحكمها النظام الاشتراكي قبل عام90م. وقد أشار إلى اشتراكية الحراك، القيادي الحراكي "عبد الحميد طالب" عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي، وذلك عبر حوار صحفي، عندما أكد بأن الحراك هو الاشتراكي والاشتراكي هو الحراك، وأن أكثر من 80% من الحراك هم من أعضاء الاشتراكي(الشرق الأوسط21- يونيو2010م).
يعتبر تمرد كثير من قيادات الحزب الاشتراكي على أدبيات الحزب الملتزمة بمبدأ الوحدة اليمنية والشراكة السياسية مع الإخوان المسلمين؛ سبباً رئيسياً في تذبذب وعدم وضوح مواقف الأمانة العامة للحزب الاشتراكي حيال الأحداث الجارية في اليمن، وقد يتضح للمتابع هذا التذبذب والتناقض، عندما يقرأ تصريحات الدكتور عيدروس النقيب -رئيس كتلة الاشتراكي في البرلمان- عبر الصحف، أو يشاهد الحوارات التلفزيونية مع الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي، وهذا التناقض وعدم الوضوح ناتج عن فشلهم في قيادة الحزب وعدم قدرتهم على التحكم بأعضائه. وهم بمواقفهم الغير واضحة هذه، يحاولون وضع رجل مع حركة الإخوان وبقية الأحزاب المعارضة والمؤمنة باحمرار خط الوحدة اليمنية، والرجل الأخرى مع رفاق الأمس المطالبين بانفصال جنوب اليمن عن شماله، والرافضين لتحالف الاشتراكي مع عدوهم التاريخي (الإخوان المسلمين) أو ما يسمونهم بأصحاب الفكر الرجعي والإقطاعي المتخلف.
Hamdan_alaly@hotmail.com
في الجمعة 17 سبتمبر-أيلول 2010 11:54:36 م