|
بدأ العام الدراسي وبدأت معه معاناة التلاميذ وأولياء الأمور على حد سواء, رغم التصريحات الكثيرة من قبل الوزارة ومكاتبها. وبعد أن قمت بزيارات ميدانية لبعض المناطق التعليمية وبعض المدارس بأمانة العاصمة وجدت العملية التعليمية والتربوية تكاد تهدد الأمن القومي بكل ماتعنيه الكلمة من معنى, فالكثير من هذه المدارس ألغت الفترة المسائية وماتبقى منها في طريقها إلى الإلغاء وحجة هؤلاء أنهم يريدون أن يكونوا مثل دول مجلس التعاون الخليجي!؟
والسؤال مطروح للأخ معالي وزير التربية: هل نحن نملك بنية تحتية تمكننا من إلغاء الفترة المسائية والاكتفاء بالفترة الصباحية؟
مدارسنا يامعالي الوزير تعاني اكتظاظاً في الصفوف الدراسية في الفترتين, فكيف سيكون الوضع في حالة الفترة الواحدة؟
أعتقد أن الوزارة لم تدرس الأمر وإنما هو قرار عشوائي، حيث مازال كثير من الطلاب وأولياء أمورهم ينتقلون من منطقة إلى منطقة ومن مدرسة إلى مدرسة بحثاً عن مدرسة تقبل بهم ويتعرضون للابتزاز، وتحول كثير من الفراشين والبوابين في المدارس إلى سماسرة لبعض مدراء ومديرات المدارس.
وماأفزعني أن بعض مديرات المدارس أصبحن يتعاطين الرشوة بعد أن كانت محصورة في قطاع الرجال.
لاشك أن مثل هذا القرار يدفع بالكثير من الطلاب لأن يتعرضوا للاستقطاب من قبل التطرف والإرهاب وجماعة العنف, أما الفتيات فيجعلهن عرضة للانحراف والضياع.
والمسؤولية لاتقع على وزارة التربية وحدها وإنما يقع على عاتق أمانة العاصمة، والمجلس المحلي جزء من هذه المسؤولية.
التعليم في بلادنا في حالة متردية جداً ونحن لسنا أقل من الولايات المتحدة الأمريكية التي رفعت شعار الأمة في خطر, لأن التعليم في خطر.
التعليم في اليمن يحتاج إلى مراجعة دقيقة في كافة عناصره: الطلاب والامتحانات والأبنية والمناهج وتأهيل المعلمين. وقد صرّح الأخ وزير التربية أن وزارته حققت 60 % من برنامج رئيس الجمهورية.. وأعتقد جازماً أن برنامج رئيس الجمهورية نص على توسيع البنية التحتية وليس تقليصها.. كما أن مايقال عن إصلاح التعليم في اليمن ماهو إلا وهم، فالواقع التعليمي شديد التردي والسوء، ومالم نهتم بتطويره سيبقى الوضع على ماهو عليه لسنوات طويلة.
إنه لامعنى ولاقيمة لأي حديث نتعاطاه حول حلم اللحاق بالعصر والقدرة على اقتحام آفاق العالم الجديد الذي تغيرت كل قواعده ومعاييره، بعد أن أصبح التعليم هو المفتاح الوحيد لدخول نادي القدرة على البقاء والمنافسة في كل المجالات.
والأمر المؤكد أن تطوير التعليم لابد وأن ينطلق من رؤى ثابتة وسليمة لأن ذلك يمثل احدى ركائز الأمن القومي لليمن وأن أي انفاق في هذا المجال يمثل استثماراً حقوقياً للإنسان الذي يعد المحور الأساسي لأمننا القومي بمعناه الشامل، وأن التعليم في عصر التكنولوجيا قد اختلفت مفاهيمه عن ذي قبل، وارتفعت أهميته، حيث لم يعد التنافس العالمي حول تملك القنابل والصواريخ، وإنما أصبح الصراع والمنافسة حول العلم والتكنولوجيا.. ومن هنا فإن المسئولية الوطنية تفرض علينا سرعة العمل على ترجمة مشروع وطني يعبر عن فهم واقتناع، فإنه ليس أمامنا سبيل سوى اللحاق بعصر التكنولوجيا الذي يبدأ بتطور حقيقي للتعليم في مختلف مراحله وبما ينفق عليه.
لدينا قصور وخلل واضح، فيما يسمى بإتاحة التعليم للجميع واستيعاب جميع الأطفال والشباب في مؤسسات التعليم، وهذا القصور الكمي إذا أضفنا له القصور الكيفي في نوع التعليم وجودته في التنمية المتكاملة لشخصية المتعلم فكراً وقيماً وسلوكاً ومهارات فإننا نجد الوضع متدنياً جداً.
إذا كنا بحاجة إلى القضاء على الكثافة المرتفعة وغير المعقولة داخل فصول الدراسة، فهل نقضي عليها بإلغاء الفترة المسائية دون أن يكون لدينا توسع في البنية التحتية؟ لماذا يجري كل هذا في بلادنا دون دراسات ودون مساءلة لمن يتصرف مثل هذه التصرفات التي تأتي نتائجها عكسية وتضر أكثر من أن تنفع؟!
يُعد التعليم في الوقت الراهن هو أبرز التحديات التي تواجه العالم, فالتعليم يُعد من المكونات الأساسية لحقوق الإنسان وقد تمكنت دول عديدة من حجز مكانها على الخريطة العالمية عبر الاهتمام بالتعليم وقد حققت طفرة اقتصادية وثقافية وسياسية شاملة.
وفي كل حضارة متقدمة كان التعليم هو الأساس, وفي بلادنا شتت التعليم مابين حكومي وخاص ومعاهد دينية الأمر الذي تسبب في تشتيت المنظومة التعليمية والهوية الوطنية.. هناك مدارس خاصة في كل دول العالم, لكنها لاتهدف إلى الربح كما هو حاصل في بلادنا.
إن ماتم تنفيذه من البرنامج الانتخابي في مجال التعليم غير مطمئن, حيث تحتاج عدد كبير من المدارس للترميم, ونحتاج إلى بناء المزيد منها. إن منظومة العملية التعليمية تحتاج إلى تطوير الإدارة المدرسية والمنهج والمدرس.
كنا نتوقع أن تقوم المجالس المحلية بالنظافة حول المدارس وخاصة تلك التي تتراكم حولها الزبالة ومنع الباعة الجائلين حفاظاً على صحة الطلاب.
من المحزن أن يبدأ العام الدراسي دون استعداد من قبل الوزارة ومكاتبها ودون توفير الاحتياجات قبل بداية العام وليس مع بدايته.
إنه من الضرورة بمكان عقد مؤتمر قومي تتبناه الحكومة يشارك فيه جميع المعنيين بالتعليم في اليمن, لأن هذا الأمر يخص الجميع ولابد أن يكون هذا المؤتمر نقطة البداية على طريق استعادة هذا الشعب لوعيه ووقف هذا النزيف وإعادة الاعتبار للتعليم.
في الإثنين 27 سبتمبر-أيلول 2010 04:32:52 م