|
مع أن بعض الأحزاب ، وكثير منها غير مؤثر للأسف ، يناصر الدولة في كل صغيرة وكبيرة ولا يفرق بين برامجه وبرنامج الحزب الحاكم ، لهذا السبب ينظر الشارع إلى هذه الأحزاب باعتبارها «ملحقات» بالحزب الحاكم ، أو على أكثر تقدير أجنحة يطير بها الحزب الحاكم متى ما أراد ، وهذا صحيح إلى حد كبير مع بعض الاستثناءات ، وهي قليلة ، حيث لا يجب أن يغمط حق بعض الأحزاب ودورها الريادي «السابق» في الحياة السياسية .
وفي الحرب في صعدة لا يزال الكثير من القوى السياسية يتمترس في موقفه الرافض للحرب وإصلاح الحياة السياسية ، والمطالبة بحوار يفضي إلى حل سياسي يرضي الجميع ، ولا أعتقد أن السلطة تتفق اليوم مع أصحاب هذا الرأي ، لأن مشروعيتها في البقاء يعتمد على إنهائها لملف الحرب في صعدة وإنهاء التمرد ، ثم التفرغ للحوارات السياسية .
وأنا أعتقد أن الحوار الذي يجب أن يجري اليوم بين فرقاء الحياة السياسية يجب أن لا يرتبط بأزمة معينة ، بل يجب أن يكون هدفاً عاماً للجميع ، غير أن الأوضاع التي تشهدها اليوم محافظة صعدة وأجزاء من محافظة عمران تستدعي من الجميع اصطفافاً من نوع آخر ، اصطفافاً يقوم على توحيد المواقف التي تهم البلد ، ويمكن حصرها في أزمة صعدة ، وأن يدخل الجميع كشركاء في صنع القرار ، عوضاً أن يكون الحزب الحاكم هو صاحب القرار الوحيد ، وعلى الحزب الحاكم أن لا يتصرف كأن البلد «ضيعته لوحده» ، بل هي ملك للجميع ، وأن يترجم ذلك على صعيد الواقع لا على صعيد الدعوات التي تصدر بين وقت وآخر .
الطرفان بحاجة إلى بناء جدار من الثقة ، من شأنه أن يزيد من شعور الطرفين بخطورة الوضع الذي ينتظر اليمن في قادم الأيام ، لا أن يتمترسا في خندقين متنافرين ينتظران لحظة انقضاض أحدهما على الآخر .
بمعنى آخر تحتاج المعارضة إلى رمي الخلافات مع السلطة جانباً ومد اليد من موقع الحرص على مستقبل البلد للمساهمة في صياغة قرار وطني لمواجهة التمرد القائم اليوم في صعدة وعمران ، وتحتاج السلطة إلى إعادة قراءة لنظرتها للمعارضة وعدم استخدامها كـ «كروت سياسية» تنتهي صلاحيتها مع انتهاء المهمة التي جاءت من أجلها .
بهكذا صيغة يمكن أن ينجح الجميع في إعادة ترميم ما خربته الخلافات السياسية خلال السنوات الماضية والبدء في صياغة علاقة جدية تنبذ الإقصاء والتهميش وتعيد للحياة السياسية ألقها الذي افتقدته .
في الأربعاء 30 سبتمبر-أيلول 2009 06:35:22 م