|
ولعل التناول الذي يتم على استحياء من بعض العلماء الأجلاء الرافضين للعنف والداعين إلى تحكيم العقل والجلوس للحوار في تدارس ومناقشة قضايانا الوطنية وهي برأيي الدعوة الأصوب مادامت يد الحوار ممدودة من ولي الأمر في هذه البلد ، أو اولئك الداعين الى صمود الشباب في الشارع ومطالبتهم بتكثيف جهودهم الداعية لإسقاط النظام وهي دون شك تؤجج الشارع وتزيد من اشعال الفتنة ، إلا ان المواطن المغلوب على أمرة وبخاصة فئة الشباب يظلون في حيرة من أمرهم ، فهؤلاء علماء في نظرهم كما ان اولئك علماء ايضاً ، فالمسلمون تواقين لرأي وتدخل علماء الدين ممن لايتأثرون بهذا التيار او ذاك او يسعون لتنفيذ هذه الأجندة او تلك..
نحن بالفعل في أمس الحاجة للعلماء الذين يتوافقون مع ما تعلمناه وجاء به الدين الاسلامي الحنيف وتضمنته السيرة النبوية العطرة التي يتعلمها أبناؤنا في المدارس منذ سنوات تعليمهم الأولى والتي تؤكد أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال والتحاور والاقناع بالحجة والمنطق ، فمثل هذه القضايا جديرة بتناول اصحاب الفضيلة العلماء لها وفق منظور الدين الاسلامي بعيداً عن التأثير والتأثر بهذا التيار او ذاك ، فالحوار هو السبيل الأسلم لتجاوز أي أزمة ما دام الطرف المتحكم فيه قابل للتحاور والتعاطي حقناً للدماء ودرءاً للفتنة التي لن ينجو منها بيت ، واتباعاً لما جاء في الحديث الصحيح " لأن تُهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم" ، وما دام هناك طرق ووسائل تحقن الدماء وتسهم في تحقيق الأهداف العقلانية والمشروعة فمسئولية العلماء الاجلاء امام الله سبحانه وتعالى تتمثل في الدعوة للإلتفاف حول هذه المبادرات حقناً للدماء وحفظاً للأمن والسلم الاجتماعي خصوصاً وان تولي السلطة في البلاد تم عن طريق انتخابات شارك فيها ابناء الشعب اليمني من اقصاه الى اقصاه فحريُ بها أن تحترم .
وقد بعث في نفسي الأمل اجتماع أعضاء القوة الثالثة التي تم انشاؤها في شبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك) بحضور كوكبة من ابناء الوطن الشرفاء ممن لاينتمون الى أي حزب سياسي او ينفذون أي اجندات خارجية ، او يستغلوا الشباب لأغراض شخصية او احقاد فردية ، والذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك صدقية هدف الشباب الأساسي والمتمثل في (الاصلاحات - ومحاسبة من يثبت تورطهم بقضايا فساد) والتي تضمنتها مبادرة "القوة الثالثة" التي جرى مناقشتها بعيداً عن أي مصالح شخصية او حزبية وبدأت بالقسم بأن الهدف منها خدمة الوطن والمواطن الذي يستغله البعض وينادي باسمه لإصلاحات في الظاهر باطنها السم الزعاف للوطن قضه وقضيضه ..
ولا يختلف أثنان في ان كل ابناء اليمن مع تلك المطالب التي لن تتحقق إلا بالحوار ، ولكن رفض المبادرات الواحدة تلو الاخرى يؤكد نيات خفية لبعض دعاة التغيير ممن يتحدثون باسم الشباب والشعب اليمني ؟!! دون أي تخويل او شرعية فقط لأن قنوات فضائية تفسح لهم المجال لتأجيج الفتنة وإثارة المشاهدين بأخبار القتل والاقتتال والفتنة والافتتان مهما كانت عواقب تلك التوجهات على شعوب وأمم الواحدة تلو الأخرى ، يدفع ثمنها اولاً وأخيراً الوطن والمواطن ..
والمشكلة الكبيرة برأيي التي لايجب السكوت عنها تتمثل في ان هؤلاء يتكلمون وكأنهم الشعب كل الشعب ، فنحن من الشباب ونطالب بتحقيق الهدف آنف الذكر ونؤمن انه لن يتحقق إلا في ظل حوار وقبول لمبادرة رئيس الجمهورية ، وارجوا من كل الشرفاء الانضمام إلى مجموعة القوة الثالثة من أبناء الوطن اليمني الغيورين على وطنهم الصادقين مع أنفسهم في خدمة الوطن وإنقاذه من المفسدين ، كون "القوة الثالثة" تعنى بالشأن المحلي وتجمع في رأيي الشخصي العقلاء من المطالبين بالإصلاحات ومحاربة الفساد خصوصاً وانها قدمت مبادرة متضمنة رؤى وطروحات تتفق مع العقل والمنطق من شأنها الإسهام في عملية الإصلاحات التي يرونها لتجاوز الأزمة والارتقاء بالوطن بدلا عن الدعوات الناقمة التي تؤدي دون شك إلى هدم الوطن والتناحر بين أبناء المجتمع الواحد..
ويرى الكثير من المثقفين والأكاديميين والشباب (الفئة الصامتة) أن من عارض او صوت لأبن شملان او غيره من المرشحين المنافسين لعلي عبدالله صالح في الانتخابات الرئاسية التي شهدتها اليمن مؤخراً (من المعارضة) هم من ينعقون اليوم بالرحيل وإسقاط النظام بأي شكل من الأشكال ومثلهم او مثليهم معهم من الشباب المغرر بهم ممن يتخذهم اصحاب النفوذ والطموح السلطوي مطايا لتنفيذ مآربهم الشخصية او تحقيق أحقادهم الانتقامية ، غير ان السواد الاعظم من ابناء الشعب اليمني يأبون إلا ان ينصتوا لصوت الحق والهبة الصادقة لنصرته ما دام الهدف إصلاح الوطن ، فما هكذا تصلح الأمور ولن يسمح عقلاء اليمن أن يجعل البعض أحقادهم او وعيدهم الانتقام من النظام لأسباب شخصية سبب لهدم الوطن والدعوة الى الفتنة باسم كل اليمنيين ، فاليمنيون أشرف من ان يسلكوا هذه المسالك العقيمة ، وسيثبتون ذلك فللحق رجاله كما يقال.. ولكني اتساءل هل الشباب الرائع الذي عبر عن رغبته في التغيير وتحقيق الغد الأفضل للوطن أرضاً وانسانا المطالبين بالاصلاحات والتداول السلمي للسلطة هم من أنصار الحق فعلاً ام انهم مسيرون وأصبحوا لايفقهون سوى "إرحل" التي ليست الحل لمشاكل الوطن التي ننادي بها على الاطلاق فالاصلاحات الحقيقية ومحاسبة المفسدين وافساح المجال امام الدماء الشابة في عملية التنمية مطلب لا جدال فيه ، ولكن وفق آليات تسهم في تعزيز عملية التنمية وتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي وليس من خلال الدعوات التعسفية التي تظهر ان مطالب الاصلاحات مجرد غطاء لتنفيذ هدف تم تحديده سلفاً مهما كانت عواقبه على المجتمع والأمة ..
ورغم الغياب العجيب للصوت الرادع من علماء الدين واقصدها هنا علماء الدين لا علماء الأحزاب او المسيسين لهذا الطرف أو ذاك إلا ان اليمنيون سيثبتون أنهم أنصار الحق كما أثبتوا من قبل فهم أنصار رسالة السماء السمحاء التي جاء بها النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم ، وتحث على التآخي والتراحم ونشر ثقافة المحبة والتسامح بين ابناء البشرية جمعاء فليس من الإسلام في شيء من يروج للإقتتال وتأجيج الفتنة مهماً كانت المسببات ما دامت الحلول والخيارات السلمية مطروحة للتعاطي وحل الخلافات في أي أمر من الأمور الدنيوية فالدين الإسلامي الحنيف ينبذ العنف والكراهية ، ويدعو إلى الخير بالحكمة والموعظة الحسنة.. وأختم قولي للعلماء الأجلاء وعقلاء اليمن بمختلف انتماءاتهم وطبقاتهم ، بقول الحق تبارك وتعالى في الآية (114) من سورة النساء (( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجراً عظيماً)) صدق الله العظيم
في الإثنين 14 مارس - آذار 2011 12:06:24 ص