حوار من أجل اليمن
صحيفة الثورة
صحيفة الثورة
كان الأخ المناضل عبدربه منصور هادي نائب رئيس الجمهورية دقيقاً في تقييمه لحساسية الوضع اليمني وما ينطوي عليه من تعقيدات كبيرة، وذلك حينما أشار في حديثه لقناة "سي إن إن" إلى أن الوضع في اليمن يختلف كُلّياً عن الوضع في تونس أو مصر، وأن الحالة في أي من البلدين لا يمكن إسقاطها على الواقع اليمني، الذي له خصوصيته التي من الصعب إغفالها أو تجاوزها، فضلاً عن مصادر الخطر العديدة التي تتهدد هذا الواقع إذا ما انفرط العقد وخرجت الأوضاع عن السيطرة وعمت الفوضى وحلت شريعة الغاب محل الدستور والنظام والقانون.
وفي هذا الطرح العقلاني والمسؤول ما يعيد إلى أذهان جميع الأطراف السياسية والحزبية على الساحة الوطنية، ما سبق وأن أكد عليه العديد من المتابعين السياسيين للشأن اليمني، والذين خلصوا إلى أنه لا سبيل للخروج من المأزق الراهن إلاّ عن طريق الحوار وجلوس كافة الأطراف اليمنية حول طاولة واحدة للبحث في الحلول والمعالجات الكفيلة بتجاوز الأزمة الراهنة والحفاظ على أمن واستقرار وطنها ووحدته وسلمه الاجتماعي، وأن من يعتقد أن بوسعه جعل اليمن بكل مصادر الخطر الكامنة فيه نسخة أخرى من أي بلد، إما أنه لا يعرف اليمن أو أنه فقط يريد خلط الأوراق ظنّاً منه أن ذلك سيكسبه شهرة أو نفوذاً أو جاهاً أو مصلحة أو منفعة أو كينونة سياسية لم يتأت له بلوغها أو الحصول عليها من الجماهير.
بل أن من يتوهمون أنهم سيقفزون على الواقع لاشك وأنهم لم يستفيدوا من دروس الفترة الماضية، ولذلك استمروا يلهثون وراء الأوهام كمن يحرث في البحر متجاهلين أن هناك بوناً شاسعاً بين الوهم والحقيقة وبين الواقع والخيال، وبين الممكن وغير الممكن.
إنّ ما ورد في المقابلة الصحفية لنائب رئيس الجمهورية المناضل عبدربه منصور هادي مع قناة "سي إن إن" قد وضع النقاط على الحروف ورسم خارطة طريق أمام القوى السياسية والحزبية، عليها أن تسترشد بها في تعاطيها مع تعقيدات الأزمة الراهنة، خاصة بعد أن تعززت القناعة لدى الكثير من هذه القوى بأنه وكلما مرّ الوقت تضاعفت حدة تلك التعقيدات، وتصاعد التوتر بوتيرة أكبر، وانجرفت البلاد إلى منزلقات خطيرة، وذلك ما أدركه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية منذ اللحظة الأولى لبروز مؤشرات الأزمة الراهنة، ولذلك كان تحركه مركزاً وسريعاً وحثيثاً ويتسم بالتصميم على احتواء هذه الأزمة قبل تفاقمها، فعمل على تبني وتقديم أكثر من مبادرة فاقت في طروحها والإصلاحات التي حملتها حتى ما ظلت تنادي به المعارضة، إلا أنه وعلى الرغم من كل ذلك فإن هناك من عمد عن سبق إصرار وترصد إلى تفجير الوضع وتأزيمه بشكل حاد وغير مسبوق أفضى إلى عدة انعكاسات سلبية كان أخطرها ذلك الاعتداء الغادر والجبان الذي استهدف رئيس الجمهورية وكبار مسؤولي الدولة وهم يؤدون صلاة الجمعة في مسجد النهدين في غرة شهر رجب الحرام.
ومثل هذه الجريمة الإرهابية وإن كانت قد شكلت فاجعة كبيرة لكل اليمنيين، فإنها وضعت الجميع أمام مسؤولية تاريخية، عليهم أن يضطلعوا بها، انطلاقاً من الإسراع في الجلوس حول طاولة الحوار من أجل تمكين الوطن اليمني من تجاوز أزمته الراهنة، وطي معاناتها وإفرازاتها والتوجه نحو المستقبل في أجواء آمنة ومستقرة تظللها قيم التوحد والوئام والمحبة والتسامح بين جميع أبناء هذا الوطن، الذين آن الأوان لكي يبرهنوا على تمسكهم بمعاني الحكمة اليمانية التي تبرز خصالها في تمثل الشركاء والفرقاء للحلول الحضارية ومعالجة قضاياهم بالحوار والتفاهم، وذلك ما نحتاج إليه اليوم لنزع فتيل الانفجار، وردم هوة الخلاف، والوصول إلى توافق خلاَّق تكون فيه الغلبة لليمن أولاً وأبداً.
    
في الجمعة 01 يوليو-تموز 2011 09:54:04 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=400