محركوا ما يسمى بالثورات العربية: دكتاريون ام طلاب ديمقراطية و حقوق انسان
دكتور/محمد علي الرحاحله
دكتور/محمد علي الرحاحله
شهدت بعض الدول العربية حركات تغييرية طالبت بتغيير الأنظمة في تلك الدول بعضها كان سلميا اقتصر على الاعتصامات و المسيرات و اغلاق الميادين العامة و تعطيل الحياة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الرسمية و البعض الاخر كان انقلابيا غير كل شئ حتى علم البلاد و شعارها و انشأ جيشا و حكومة و مجلسا حاكما و انقسم بجزء من البلاد كما هو الحال في ليبيا و البعض الاخر اخذ خليطا من الشكلين السابقين. و انا هنا ليس لتعقيب على تلك الحركات و لكن على مطالب تلك الحركات و التي كان اولها تغيير النظام و هنا فكر الكثير من الناس ان التغيير هو تغيير نظام الحكم و كل ما يتصل به من اجراءات دستورية و تشريعية و لكن مع الايام يتضح ان تغيير النظام يعنى تعطيل الدستور و ترك البلاد بلا قيادة و راس حاكم و جسم يسير البلاد اي (فوضي في البلاد) لحين اجراء الانتخابات على غرار البلاد الغربية و خصوصا سيدة هؤلاء اللذين حركوا هذه الحركات و التي كانت تتحدث بلسانهم يوميا عن خلال تصريحات رؤساء و وزراء خارجية تلك الدول صباحا و مساء مطالبين برحيل قادة و انظمة دول مستقلة.
و بعد ذلك توالت و تغيرت الطلبات فتارة يريدون محاكمة راس الحكم فوريا و خلال ساعات وإصدار اقسى الاحكام عليهم اي بشكل محاكمات صورية لا تدوم سواء بضع دقائق ناسين و متناسيين ان سيدة العالم الأولى امريكا لم تحاكم عدوها البطل الشهيد صدام حسين راسا بل اجرت له محاكمة دامت اشهر طويلة و كانت علنية و سمحت للمحاميين بالدفاع عنه و ان كانت تلك المحاكمة صورية، و كذلك الحال بالنسبة الى بقية افراد النظام العراقي السابق. اما هؤلاء اللذين يتشدقون بانهم طلاب عادلة و ديمقراطية و حقوق انسان فلا يقلدون حتى ساداتهم في الغرب بل يردون سلق المحاكمات على غرار محاكمات العصور الوسطى او ما كان يفعل بالهنود الحمر حتى اواخر القرن الماضي من اعدامهم او وضعهم في محميات خاصة بهم لمجرد انهم هنود حمر.
اهم الشعارات التي يحملها هؤلاء المتعرضون لا بل يكاد يكون الشعار الاساسي و الأول هو لا حوار و لا تفاوض مع النظام و هذا في نظر الجميع أول انتهاك لحرية الرأي و الديمقراطية التي يطالبون بها فمهما كان النظام فان له انصار و بعض النظر عن حجمهم في المجتمع فهم فئة من المجمتع أي ان لهم رأي و لا بد من ان يأخذ هذا الرأي في ظل المجتمع الديمقراطي لا بل نجد انه في المجتمعات الديمقراطية حزب او مجموعة سياسية لها بضع مقاعد يتحكمون في تشكيل الحكومات و يغيرون الاغلبية و يعتبرون بيضة القبان بدونهم لا تكون هنالك حكومة. حتى و لو حصل كل من الحزبين الاكبرين على 49.5 % اي ان حجم الاقلية لا تشكل سوى واحد فقط بالمئة، هذه الديمقراطية و ليس الديمقراطية و حرية الرأي الغاء الاخر، فما بالك اذا كانت الانظمة تشكل اكثر من ذلك بكثير.

و هنا نستنتج ان هؤلاء المحركين لهذه الانقلابات انهم لا يؤمنون بالرأي و الرأي الأخر و ليس لديهم وعيا او حتى دراية على الرغم من انهم من عباد الانترنت و المدمنين عليها بان السياسة هى فن الممكن و ان الديمقراطية هي الاعتراف بالاخر و التعايش معه لا بل الموت في سبيل اتاحة الفرصة له لتعبير عن رائه و ان لكل انسان مهما كان و مهما كانت افعاله له الحق المطلق بالمحاكمة العادلة و الدفاع عن نفسه من خلال اختيار محامي دفاع و اذا لم تكن لديه الامكانية الحصول على محامي لاي سبب من الاسباب خصصت له المحكمة محام او اكثر وعلى نفقتها الخاصة و هذا متبع في المحاكم الدولية و المحلية و في كل الدول و كل الازمان منذ عهد العربي العراقي حامورابي حتى وقتا الحاضر و هنا تمكن اولى و اهم نقطة تؤيد القائلين بان هؤلاء الاشخاص طلاب استبدال النظام بالفوضى و ليس لهم علاقة بالسياسة و لا حقوق الانسان بل هم ضد جميع المبادئ السماوية و الدولية في هذا المجال فماذا يعنى عزل موظف مهما كانت وظيفته عن منصبه دون ان يثبت ومن خلال القضاء انه مذنب بذنب ينص القانون على عزله و فقدانه حقوقه المدنية و الوظيفية و هل يعقل ان يكون الشك و وحتى دون سماع رايه ان يعزل من منصبه و يسجن بين ليلة و ضحاها. ان هذا لم يحدث حتى في اعتى الدكتاتوريات في العالم.
النقطة الاخرى انهم لا يعترفون بالأخر و يعتبرون ان جميع اتباع النظام السابق خونة و فاسدين و ما الى ذلك من تهم و هنا قد اتفق معهم شيئا ما اما ان تطمس انجازات و ما قدم هؤلاء السابقين من خدمات و انجازات شهد بها العدو قبل الصديق فهذا يعنى انهم لا يرون الا انفسهم و تلك قمة الأنانية و النرجسية، فهما كان راي العالم في هتلر فهم زعيم الماني يذكره التاريخ و يذكر ايجابياته و سلبياته حتى ان الكتب و المؤلفات و الافلام و البرامج التي انتجت في الغرب عن هتلر و القادة الألمان الاخرين و عن المحاربين الالمان اكثر الالف المرات ما انتجت المانيا و هذا يعنى احترام الأخر اما هنا في دولنا العربية و عند دعاة الديمقراطية فهم الغوا و طالبوا بالغاء الاخر .

اقول اذا كنتم يا من تدعون التغير والديمقراطية تريدون فعلا التغيير فلتكونوا مثالا للديمقراطية و تقبل الاخر و الدفاع عن الأخر ليقول رأيه و لتقبلوا الرأي الأخر و تتعبونه اذا كان هو الأفضل و كانت الغالبية معه و الغالبية هي النصف زائد واحد و لتكون شعاراتكم و تطلقون على جمعكم جمعة المطالبة بمحاكمة عادلة لأفراد النظام السابق و السماح للحزب الفلاني ان ينزيل الى الميدان و اذا كانت له الأغلبية فلنضع يدنا بيده لخدمة الوطن و لتكونوا ضد المحاكمات الصورية و التي لا تأخذ اذا من ساعات و ايام و كانها إرضاء رخيص لكم و ليس للشعب.


في الإثنين 08 أغسطس-آب 2011 09:56:34 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=416