|
لم يكن الشيخ محمد ناجي الشائف، عضو مجلس النواب، رئيس لجنة الحقوق والحريات، نجل شيخ مشائخ بكيل، بكلمته الرافضة لزيادة سعر الديزل، يقصد التشكيك بيمنية رئيس الحكومة الأستاذ محمد سالم باسندوة بقدر ما كان يقصد التشكيك بعدم يمنية إحساسه بما سيلحقه هذا القرار المرتجل من إضافة معاناة إلى معاناة وزيادة أسعار إلى أسعار مرتفعة تثقل كاهل البؤساء والمحتاجين الذين يعيشون تحت خط الفقر من الذين سحقتهم البطالة ويمزقهم الفقر من ذوي الدخل المحدود ومن الذين لا دخل لهم على الإطلاق مضافاً إليهم الكم الهائل من السكان الذين يشتغلون بالزراعة بعد أن اضطر الكثير منهم إلى إغلاق مزارعهم نتاج عجزهم عن توفير قيمة الديزل المطلوب.
أقول ذلك وأقصد به أن الإحساس المنعدم تجاه الأغلبية الساحقة من اليمنيين الذين يعيشون تحت خط الفقر لرجل كبير يزعم أنه من رجال الثورة الشبابية ما لبث يذرف الدمع تجاههم لا يمكن وصفه إلا بعدم الحرص على شعبيته، وعدم استشعاره المسئولية الوطنية في ظل أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وأمنية مركبة.
ومعنى ذلك إنه لا يوجد مبرر يستوجب تحويل صورته لتغطية عابرة إلى أزمة سياسية كارثية وإلى مادة للمزايدة والمكايدة السياسية ومادة لرفع الشعارات الفضفاضة للاعتصامات والمسيرات والمظاهرات المنددة بالشائف التي تستهدف بالأساس تحرير الزيادات السعرية، أو ما كانت هذه الأحزاب تطلق عليه سابقاً بالجرع القاتلة للشعب قبل أن تكون شريكة بالحكومة، لأنها تدرك سلفاً أنها غير قادرة على النيل من أحد المشائخ العظام المستندين إلى دعم قبائلهم الكبيرة.
أقول ذلك وأقصد به أن ما نطق به محمد ناجي الشائف بدافع الحرص على أولئك البؤساء والمهددين بالمجاعات القاتلة للحياة، لا يترتب عليه سحب الجنسية اليمنية من الأستاذ محمد سالم باسندوة، وليس له أي تفسير سوى عدم ثقة رئيس الحكومة بنفسه وبقدرته على الدفاع عن سياسة حكومته الفاشلة والباحثة عن مبررات واهية لعقد المؤتمرات الصحفية المهددة بتقديم الاستقالة المتسببة، لأن اليمن لا يخاف من اتهام مشاعره وبعدم اليمنية الموجبة لكبح جماحة من باب الحرص الوطني على استثارة ما لديه من الأحاسيس والمشاعر الوطنية واليمنية الكامنة.
إذا علمنا أنه دائم الاستدعاء للبكاء والدموع في معظم خطاباته المتعاطفة قولاً مع بعض البؤساء والأيتام، أقول ذلك وأستدل على هذه المواقف المهزوزة والمرتبكة من جراء ما هو حادث اليوم من مواقف تناقضية مع مواقف الأمس الرافضة لهذا النوع من الجرع القاتلة للحياة والحق هي المحرك الخفي لما تثيره من زوابع ساسية وإعلامية وصلت حد الإرهاب الفكري للرأي، لأن حرية الكلمة هي المقدمة الأولى للديمقراطية القائمة على التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة لاسيما وقد كان بمقدور الأستاذ باسندوة الرد على الكلمة بالكلمة دون حاجة إلى الانسحاب من المجلس والتهديد بالاستقالة ما لم يستجاب لسياسته وقراراته الخاطئة.
نعم لقد حدث بالأمس القريب وفي عهد حكومة الأستاذ الكبير عبدالقادر باجمال اعتداء بالسلاح بل ما هو أشد إيلاماً من قبل النائب حسين الأحمر نجل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر رئيس مجلس النواب شيخ مشائخ حاشد الذي صوب سلاحه في ساحة مجلس النواب إلى صدر رئيس الحكومة حينذاك، مهدداً إياه بالقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، إذا لم يلق ما لديه من نوايا اللجوء إلى زيادة محدودة في أسعار المشتقات النفطية المدعومة من الدولة وردّ قائلاً وهو في قاعة المجلس: "يا شيخ عبدالله بن حسين الأحمر متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، أنا رئيس وزراء الجمهورية اليمنية وهذا الكرسي حق أبناء حضرموت والنفط يتدفق من محافظة حضرموت ولي الفخر أن أقول بأنني خريج سجون سياسية ومناضل لا أخاف الموت وسأدافع عن حقي وعن موقفي وسياسة حكومتي المنحازة إلى الشعب بكل ما هو ممكن ومتاح من الأساليب والوسائل الديمقراطية والسلمية المستندة من قدسية الدستور وسيادة القانون ولن أغادر هذه القاعة بأي حال من الأحوال ولست بحاجة إلى أي نوع من أنواع الاعتذارات، من منطلق اعتزازي بانتمائي للشعب اليمني ومن منطلق إيماني بالديمقراطية ومن ثقتي بنفسي وبمقتضى ما لدي من الاختصاصات والصلاحيات الدستورية والقانونية، قد يكون من حق المجلس أن يسحب ثقته من الحكومة، لكن ليس من حقه أن يجبر وبقوة السلاح على التراجع عن قراراتها المدروسة والحريصة على إرضاء الأغلبية البرلمانية التي أوصلتني وأوصلتها إلى هذه المواقع التنفيذية، وذلك بالأهمية والموضوعية المنطقية" ما كان على الأستاذ محمد سالم باسندوة وحكومته الوطنية كاكاته والاستقواء به بالدفاع عن سياسة حكومته المحصنة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن الدولي على المواقف المتشددة لأعضاء مجلس النواب الرافضين جزئياًَ لهذه الجرعة القاتلة دون حاجة إلى الشكوى والبكاء والانسحاب من قاعة مجلس النواب والتهديد بعقد المؤتمرات الصحفية وتقديم الاستقالات المبررة بالتشكيك بجنسية رئيس الحكومة العديمة القدرة والخبرة والإحساس والمشاعر الإنسانية تجاه الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب اليمني وبالذات أولئك البؤساء والمحتاجين الذين يعيشون حياة اقتصادية ومعاناة معيشية مهددة بالمجاعات الوشيكة الأسوأ من الموت.
وهكذا يتضح ما تقدم أنه لا لزوم لتلك الزوبعة السياسية والإعلامية والمسيرات المتشددة التي استهدفت الإساءة لشخص الشيخ محمد بن ناجي الشائف النجل الوحيد لشيخ مشائخ بكيل أكبر القبائل اليمنية، الذي عبر عن ما نُسب إليه من الاتهامات الناتجة عن الفهم لمعاني الكلمة العفوية.
أقول ذلك وأقصد أن الزوبعة السياسية والإعلامية المقترنة بالمسيرة والشعارات المحرضة لا تخرج عن كونها نوعاً من أنواع المزايدة والمكايدة السياسية والحزبية لتمرير الجرعة القاتلة مؤكداً لهؤلاء بأنها زوبعة فنجان، لن تثني الكتلة البرلمانية للمؤتمر الشعبي العام التراجع عن موقفها المعارض لزيادة سعر الديزل حتى ولو اقتضت الضرورة اعتراف الشائف بمقاصده وعن ما أشكل على هؤلاء من خلط والتأويل لمقاصده نتاج الخلط بين ما هو مكتسب من الحق الشخصي للجنسية، وما هو غير مستحب من المشاعر غير اليمنية وغير الإنسانية المجردة من الرحمة تجاه الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب الذين تمزقهم البطالة وتسحقهم التداعيات الناتجة عن الأزمة السياسية الـمُركّبة والقاتلة وما قد يترتب على هذا النوع من السياسات الاقتصادية العقيمة من احتمال حدوث الكوارث والمجاعات المؤكدة.
أخلص من ذلك إلى القول أن الشيخ محمد ناجي الشائف -كما فهمت منه- لم يكن يقصد تجريد باسندوة من جنسيته اليمنية المكتسبة بقوة الدستور والقانون بقدر ما كان يدغدغ عواطفه ومشاعره الإنسانية بالقول: "إنها غير يمنية" على نحو يستثير فيها مشاعره ودموعه اليمنية والإنسانية الغزيرة لمقدمة تجبره على عدم الاستجابة المرتجلة التي أظهرت عجز وزير ماليته عن اللجوء إلى الابعاد العلمية والاقتصادية المقبولة للتخلص من العجز المالي دون الرجوع إلى هذا النوع من الجرع التي وصفها المشترك بمصطلح القاتلة بالأمس حتى تتمكن حكومة الوفاق من المحافظة على ما هي بحاجة إليه من الثقة الشعبية المسئولة والمقبولة التي ألحقت بالاعتصامات والمسيرات والمظاهرات الشبابية أفظع التشوهات المسيئة للثورة.
في الأحد 15 يوليو-تموز 2012 10:24:09 م