|
لقد عجز حمود سعيد وصادق سرحان التكيف مع أجواء الحرية الجديدة التي قادها شوقي هائل حينما أراد توجيه الشارع نحو الخروج من المأزق السياسي، لكن هؤلاء استمروا في استخدام العنف ومظاهر الفوضى.. نحن أمام جماعات تريد إعادة إنتاج الاستبداد، ولكن تحت لواء الدين.
تجربة تعز ستكون هي الأهم ليس فقط لمكانة المدينة وحجم تأثيرها الثقافي، ولكن أيضاً لأنها منحت محافظاً مدنياً وإدارياً محنكاً، ومع ذلك تستمر الفوضى، وتستمر العراقيل، ويفرض على الرجل المحاصصة غير المنطقية التي تتنافى مع فكرة الدولة المدنية التي رفع شعارها حتى صادق الأحمر، والذي كان لمرافقيه شرف قتل مواطن من تهامة بضربه بأعقاب البنادق حتى الموت.. مخرجات تلك التشكيلة العسكرية وتحالفاتها القبلية والدينية جنحت نحو السلاح والعنف.
وتأسيساً على ذلك فإن اليمن لن تعود إلى مسار التهدئة إلا إذا توافق الجميع على الحوار؛ بهدف إنقاذ البلد وليس تقسيمها وتوزيعها، وهذا أمر بعيد المنال؛ لأن القوى السياسية والقبلية والدينية التي ستخوض الحوار لا تجيده، فكل الأطراف من فرقاء السياسة - الذين يتغنون بالحوار في أدبياتهم المعلنة - لا يقبلون ببعضهم البعض، فكل طرف يضمر مفهوماً آخر وهو يريد الحوار يلبي طموحاته حتى لو تقاطعت مع طموحات الوطن.. الكل يريد الحوار إذا تأكد أن الحوار سيقوده إلى استيلائه على الكعكة كلها، والحقيقة أن ما يخيف من نتائج الحوار أو البدء به على الأقل هو أن فرقاء المشهد السياسي في اليمن ليس لهم كبير ولا مرجعية وطنية يمكن الرجوع إليها في حال الاختلاف.. ولو جلس علي عبدالله صالح وعلي محسن وحميد الأحمر وعلي سالم البيض والزنداني وياسين سعيد نعمان وعبدالوهاب الآنسي والعتواني وأقسموا على فتح صفحة جديدة فلا تأثير لذلك على الشارع الذي تقوده قوى متعددة بعضها تقوده دول إقليمية والبعض الآخر قوى دولية.
أعتقد جازماً أن دخول الحوار بالطريقة المتبعة الآن سيقوده حتماً إلى صراعات، هناك مؤشرات تلوح في الأفق من خلال تصريحات السفير الأمريكي في اليمن والتعنت من قبل الخارجية اليمنية، حيث أصبحت اليمن طرفاً في الصراع يخلق عداء لإيران لصالح أمريكا، وهذا يجافي العمل السياسي ويجافي السيادة الوطنية.نحن نرفض التدخل في السيادة الوطنية من أي كان، لكننا نقول: إن خلق عداء مع إيران لصالح الولايات المتحدة الأمريكية يضعف القرار اليمني ويجعله تابعاً.
إنني أتطلع وغيري كثيرون إلى الغد بفزع؛ فالأسماء التي أعلن عنها لدخول الحوار هم جزء من الأزمة، ولا يمكن أن يكونوا سبباً في حلها، وهم على استعداد للدفع بميلشياتهم طبقاً لسياسة المقالة، ولا مانع من طلب العون من الدول الإقليمية أو الدولية للضغط على خصومهم إذا اقتضى الأمر.
في الثلاثاء 19 فبراير-شباط 2013 11:09:21 م