حول العدالة الانتقائية في اليمن
كاتب/احمد صالح الفقيه
كاتب/احمد صالح الفقيه
يرى البعض انه يتم اللجوء إلى العدالة الانتقالية من قبل الدكتاتوراوالطغمة الحاكمة استباقا للضعف العسكري، او كشرط للقبول بانتقال سلمي للسلطة،بحيث لا يستطيع المجتمع التحقيق مع المتهمين بارتكاب جرائم بحق الإنسانيه ومحاكمتهم، بذلك تكون العدالة الانتقالية من اختراع المجرم لحماية نفسه من اي ملاحقه قضائية مستقبلية، ومن جهة اخرى يلجأ المجتمع الى العدالة الانتقالية لشعور المنتصرين بان مرتكبي الانتهاكات من الكثرة بحيث يصعب او يستحيل تقديمهم الى محاكمات عادلة دون انعكاس سلبي على السلم والامن في المجتمع. ويستمد هذا الاختراع شرعيته من غطاء مصطنع وزائف يستخدم المصلحة العامة شماعة ترمى عليها جرائم من اساءوا الى المجتمع واقترفوا في حقه ابشع الارتكابات لتبرير وتغييب العدالة الحقيقية الناجزة.

التعريف السائد للعدالة الانتقالية:
- منهجية تستهدف انتهاكات حقوق الإنسان الماضية بمعالجة ملفات الماضي المتعلقة بالإنتهاكات، بواسطة العدالة الانتقالية التي لا تقوم على الثأر والانتقام، مع تعويض وجبر الضرر بالنسبة لضحايا الانتهاكات السابقة.
- تنظيم مرحلة الانتقال السياسي بحيث تتم معالجة نتائج جرائم الماضي، ومنع وقوع جرائم أخرى مستقبلا، مع عدم إغفال الصفة الجماعية لبعض أشكال الانتهاكات مثل عمليات الإبادة الجماعية والمذابح الجماعية والتطهير العرقي، وغيرها.
- إقامة المؤسسات الديمقراطية والدستورية التي تضمن عدم عودة الاستبداد أو انتهاك حقوق الإنسان مرة أخرى.
- التوصل إلى حلول مقبولة من كافة الأطراف لإعادة بناء وطن للمستقبل يضم الجميع دون إقصاء، قوامه الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون. بالإضافة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

في اليمن عدالة انتقائية:
تطبيقا لنص المبادرة الخليجية اصدر البرلمان اليمني الذي يضم اغلبية كاسحة (اسميتها كسيحة عند تشكيل البرلمان) من المؤتمر الشعبي العام قانون الحصانة الذي يمنع مساءلة الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجميع من عمل معه قضائيا عن افعالهم خلال فترة حكمه التي دامت 33 سنة.
ومن ناحية تقنية فان ابرز رموز المعارضة (حزبا الاشتراكي والاصلاح) مشمولان بتلك الحصانة بما في ذلك اجتياح الجنوب عام 1994 حيث كانا في ائتلاف حكومي مع المؤتمر. ولم يتبق للضحايا عمليا الا جبر الضرر والتعويض، اما المواطن والوطن فيتبقى لهما اصلاح المؤسسات واعادة بنائها بطريقة تضمن عدم عودة الممارسا ت الاستبدادية وانتهاكات حقوق الانسان. اما الخزينة العامة فعليها العوض لا فيما تم نهبه من مال عام خلال الفترة الماضية فحسب، بل وفيما تم نهبه من قبل القيادات من معسكرات الجيش بعد الحصانة وانتقال السلطة الى الرئيس الجديد.
ومع ذلك كله فان كلا من المؤتمر والاصلاح مصران على ان تقتصر اجراءات العدالة الانتقالية على احداث العام 2011 ومابعده فقط، على الرغم من البلاد كانت تعيش حالة حرب معلنة وغير معلنة وانتهاكات مستمرة للحقوق منذ العام 1962.

ضمانات توقف الانتهاكات:
اهم الضمانات التي تكفل عدم عودة الانتهاكات هي الإصلاح المؤسسي الذي يستهدف إصلاح المؤسسات التي لعبت دورا في هذه الانتهاكات (غالبا القطاع الأمني والمؤسسات العسكرية والشرطية والقضائية.. وغيرها)، وإلى جانب تطهير هذه الأجهزة من المسئولين غير الأكفاء والفاسدينِ، غالبا ما تشمل هذه الجهود تعديلات تشريعية وأحيانا دستورية، بغية تفكيك - بالوسائل المناسبة - آلية الإنتهاكات البنيوية وتفادي تكرار الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والإفلات من العقاب.
أن أي برنامج لتحقيق العدالة الانتقالية عادة ما يهدف لتحقيق مجموعة من الأهداف تشمل: وقف الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، التحقيق في الجرائم الماضية؛ تحديد المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ومعاقبتهم.
ولما كانت الحصانة قد جعلت ذلك أمرا غير ممكن، فان لجان الحقيقة التي تحتم اعتراف المرتكبين بافعالهم علنا قد تكون وسيلة مناسبة لتعرية المرتكبين تمهيدا لعزلهم اداريا من جهة، وتعويض الضحايا معنويا وان بشكل رمزي من جهة اخرى، مع ضرورة تعويضهم ماديا بشكل منصف.

حكومة الوفاق عائق اساسي:
تنشط بعض مكونات حكومة الوفاق لاحلال محازبيها في الوظائف الحكومية ضمن محاولة للسيطرة على مفاصل الدولة في كل من الداخلية والمالية والتعليم والقضاء على سبيل المثال، وهي اعمال تليق ببناء تشكيل عصابي ولا تمت الى بناء الدولة باي صلة.
هذه التصرفات تمنع الاصلاح المؤسسي وتلحق ابلغ الضرر بالدولة، وستولّد غياب الثقة بين المجموعات وفي مؤسّسات الدولة، فضلاً عن عرقلة الأمن والأهداف الإنمائية أو إبطاء تحقيقهما. كما أنّها ستعمق التساؤلات القائمة بشأن غياب الإلتزام بسيادة القانون مع ظهور ممارسات فساد معلنة مرت دون مساءلة، وهو ما قد يؤول في نهاية المطاف إلى حلقة مفرغة من العنف في أشكال شتّى.


في الأربعاء 22 مايو 2013 08:08:46 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=585