لماذا دخلوا الحدود
دكتور/هاشم عبده هاشم
دكتور/هاشم عبده هاشم
** لست مع الذين يعتقدون بأن تسلل الحوثيين عبر الحدود السعودية - اليمنية الجنوبية مجرد شغب لن يلبث أن يزول..بمجرد أن تتصدى له القوات السعودية وتعمل على تطهيره في بضعة أيام..
** كما أنني لست مع "التهويل" وتضخيم العمل الإجرامي الذي أقدمت عليه تلك الموجات من المتسللين.
** فالعمل وإن لم يكن كبيراً بمقاييس الحروب والمواجهات التقليدية إلا أن ما قام به الحوثيون من اللجوء إلى التسلل كأسلوب من أساليب حرب العصابات يجعل مواجهتهم والقضاء عليهم عملية معقدة ودقيقة..
** ونحن وإن كنا نملك القدرة الفائقة على مواجهة هذا النوع من المواجهات مع الشراذم والمعتدين..إلا أننا لابد وأن ندرك بأن الإيرانيين الذين يقفون وراءهم قد استخدموا الحوثيين لأداء مهمة يطول مداها لتتحقق من ورائها أهداف كبيرة وكثيرة..يرد في مقدمتها ضرب العلاقات السعودية - اليمنية في الصميم.. وتخطي الاتفاقيات والمواثيق والعهود المبرمة بين الدولتين والموثقة دولياً..وإشغال المملكة وإغراقها في حروب استنزافية متعددة من الشمال والجنوب ومن كل مكان يمكن الوصول إليها..
** وما يؤكد ذلك هو استمرار تدفق هؤلاء المتسللين إلى أراضينا بأكثر من صورة..بما في ذلك التخفي في ثياب نساء وبأزياء هندية وباكستانية وكذلك بلباس السعوديين القاطنين في تلك المناطق..مستفيدين من الطبيعة الجبلية الصعبة التي يتكون منها الشريط الحدودي الممتد على مسافة تقترب من (2000) كيلو متر..ومن الخليط السكاني ولاسيما بعد إعادة ترسيم الحدود بين البلدين..وكذلك مستفيدين من الحالة الإنسانية التي فرضتها الحرب بين الجيش اليمني وبين هذه الطغمة المتمردة والتي أدت إلى نزوح الآلاف منهم وتبعثرهم في كل مكان وطلبهم للأمان.. وللاستقرار وللعيش بعيداً عن تلك النيران الضارية..
** هذه الأوضاع خطط لها الذين يقفون وراء الحوثيين بعناية فائقة..وأتت بعد اختبارين فاشلين بالتعاون والتنسيق مع شريكهم في الجريمة (منظمة القاعدة)..ونقصد بها حادثة (بوابة الدرب) التي قُتل فيها مجرمان وقبض على ثالث..وكذلك حادثة التسلل الأخير عبر مدينة (الخوبة) وقتل فيها جندي سعودي وأُصيب (11) آخرون..واتبعوها بعد ذلك بسلسلة تدفقهم إلى أراضينا عبر أكثر من نقطة أملاً في الوصول إلى ما هو أبعد وأبعد..
** أقول إن هذه الأوضاع لا يجب أن تجعلنا نقلل من خطورة ما يحدث..كما لا يجب أن تجعلنا نتعجل في انتظار نتائج فورية للقضاء عليهم..بل إن علينا أن ننتظر الأسوأ..فنحن لا نحارب قوة كبيرة ومنظمة ، وإنما لأننا نواجه عصابات انتحارية مدربة ومستعدة للموت ولا تحسب حساباً لأي نتائج قد تترتب على إقدامها على هذه المغامرة.
** إن علينا كمراقبين أن ندرك هذه الحقائق..كما أن علينا كمواطنين أن نتهيأ لهذه المؤامرة الجديدة على بلدنا..وأن نقف وراء أبطالنا بكل بسالة..وأن نكون يقظين إلى أبعد الحدود حتى لا يندس بيننا وداخل مدننا وقرانا الجنوبية بعض هؤلاء القتلة تحت ستار إنساني..
** وفي الوقت نفسه فإن علينا أن نتعامل - بعد هذا اليوم - مع الشريط الحدودي الممتد طويلاً مع اليمن بصورة مختلفة وبقدرات عالية وإن كلفنا ذلك كثيراً..فنحن لا نتعامل مع دولة فقط..وإنما نحن نواجه عصابات إجرامية خرجت على سلطة بلادها في الأصل ولديها الاستعداد في أن تنفذ خططاً إجرامية رهيبة لإيران وغير إيران عبر هذا الشريط الطويل..فذلك قدرنا وعلينا أن نكون جاهزين لما هو أبعد وأخطر..
ضمير مستتر:
**(لا شيء يحول دون وصول المجرم إلى أهدافه..إلا القوة الضاربة في كل الأحوال).

* نقلا عن صحيفة- الرياض-السعودية


في الأحد 08 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 04:19:22 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=60