|
المستقبليات من العلوم القديمة - الجديدة التي أسهم في إثرائها كثرة كاثرة من المنظرين والعلماء .. ولقد كانت قراءة المستقبل ومازالت من الأمور التي يعتد بها الحكماء كما عامة الناس وذلك عطفاً على المشاهد والشواهد التي لاتخلو من أيام قادمة قد تكون سيئة للغاية وقد تنطوي على محاسن وازدهارات .
بعض الرائين كان لا يحب الإبحار في المستقبل كما فعل «الخيام» الذي رمى الغد بظهر الغيب وامتطى يومه حتى الثمالة وكان بهذا المعنى وجودياً مقيماً في استكناه اللحظة وإدراك أنها تلخيص شامل للماضي والمستقبل معاً .
كان الخيام ينطلق من نزعة إيمانية واثقة عكس ماذهب اليه البعض ممن قرأوه في الظاهر المباشر لا الاستبطان حمّال الأوجه .
وفي القرن الثالث عشر ظهر المستقبلي الكبير «نوستراداموس» مجسداً لحظة اللقاء العسير بين ظلامات القرون الوسطى الأوروبية وبهاء الأنوار المشرقية القادمة من الحضارة العربية الإسلامية .. ثم التعاليم التوراتية التي سطرها الحاخامات والكهنة في العهدين القديم والجديد.
أبحر نوستراداموس في الرؤى الماورائية التي كتبها يوحنا المعمدان وأمثاله .. كما قرأ القرآن الكريم بصورة مؤكدة وإن كنا لا نملك دليلاً عقلياً وبرهانياً على ذلك .. ثم بدأ بعد ذلك يسطر رباعياته المثيرة للجدل في كتابه الخطير «القرون» والذي أضحى بمثابة النبع الفياض للتفسيرات المختلفة .. وكلها تفسيرات بحثت عن مستقبل البشرية بين أسطر نوستراداموس المبهمة فلم تحصد شيئاً مهماً حتى الآن وإن كانت تيقنت من أن نوستراداموس الغامض أشار لأشياء مهمة وعامة . تماماً كتلك التي وردت في كتاب «عصر الظهور» المجير على الشيعة .. أو في تاريخ«ابن كثير» وما جاء فيه من علامات عن شروط الساعتين الصغرى والكبرى .. وأخيراً وليس آخر ماتنكبته سينما هوليوود من إعادة إنتاج تصوري للحروب القادمة .
النصوص الشعرية الرباعية قاسم مشترك بين الخيام ونوستراداموس .. لكن التفارق بينهما يكمن في تسليم الأول بالأقدار ومخاطرة الثاني بمحاولة استباق تلك الأقدار وتصريفها على الوجه الذي يأتيه من غوامض استيهاماته وربما أمنياته المتمازجة مع الروح اليهودية والنزعة المسيحية الانجيلية الصعبة
Omaraziz105@gmail.com
في السبت 28 سبتمبر-أيلول 2013 08:25:57 ص