الفيدرالية .. الحل الأصعب، الأكثر تكلفة وتعقيداً
كاتبة/نادية عبدالعزيز السقاف
كاتبة/نادية عبدالعزيز السقاف

سيكون الانتقال من النظام المركزي الحالي إلى النظام الفيدرالي صعباً ومعقداً وسيكلفنا الكثير. من المتوقع ان تكون هناك خمس ولايات: ثلاث في الشمال واثنتان في الجنوب، وبداخل هذه الولايات محافظات بصلاحيات واسعة.

الفكرة جديدة على اليمنيين وحتى نحن في الحوار الوطني - الذين من المفترض أننا نخطط للمستقبل - لدينا الكثير من الأسئلة والشكوك.

ويتساءل الكثير من المواطنين العاديين عن معنى النظام الفيدرالي وما إذا كان سيحد من سهولة التنقل من ولاية إلى أخرى. هل سنكون مواطنين للولاية التي نحن فيها أم لليمن كلها؟ كيف ستكون هويتنا في النظام الفيدرالي إذا كنا لسنا متأكدين حتى ماذا يعني أن نكون يمنيين ونحن غير مفدرلين؟!

الفيدرالية صعبة لأننا غير متعودين عليها ولأنها تشكل تهديداً للقوى التقليدية والزعامات التجارية المسيطرة على السوق، وذلك لأن الفيدرالية سوف تأخذ من السلطات المركزية وتعطيها للولايات، ولهذا سوف يحاول الكثير ممن يهدد هذا المنطق مصالحهم منعها من الحصول أو تدميرها في حال أصبحت أمراً واقعاً.

والفيدرالية مكلفة جداً لأنه يجب أن تكون هناك حكومات بل وبرلمانات على مستوى الولايات بالإضافة إلى البرلمان والحكومة الفيدراليين. بالذات انه في بداية تطبيق هذا النظام سوف تضطر الحكومة الفيدرالية الصرف على الولايات وإنشائها وإعداد بنيتها التحتية إلى أن تقف الولايات على قدميها.

بالإضافة الى ما سبق، النظام الفيدرالي معقد جداً وهناك الكثير من القضايا التي يجب أخذها بعين الاعتبار. النقطة الجوهرية هي: ما هي صلاحيات الحكومة الفيدرالية وما هي صلاحيات الولايات المحلية؟ نحن نعلم أن الجيش، الخارجية والعملة سوف تكون بيد الحكومة الفيدرالية على المستوى الوطني لأن هذا منطقي، ولكن ماذا عن الضرائب، التعليم، الصحة، بيد من تكون وإلى أي مدى؟

ارتباطاً بموضوع توزيع الصلاحيات أو السلطة يأتي تلقائياً موضوع توزيع الثروة بين الحكومة الفيدرالية والولايات، فمثلاً من الذي يجب أن يوقع عقود الشركات النفطية مثل توتال،؟ هل تكون بيد الولاية التي فيها محافظة شبوة أم الحكومة الفيدرالية على المستوى الوطني؟ وهل معنى هذا أن الشركة النفطية يجب أن تتعامل مع الحكومة المحلية في الإقليم بالإضافة الى الحكومة الفيدرالية بدلاً عن الوضع القائم وهو التعامل مع جهة واحدة فقط؟ وكم النسبة من عائدات الغاز المسال تعود إلى الولاية وكم منها تعود إلى الحكومة الفيدرالية؟ وماذا عن المطارات والموانئ؟ من يحدد الجمارك ومن يستفيد منها؟

ومع هذا كله وبالرغم من الصعوبة، الكلفة والتعقيدات فإن النظام الفيدرالي هو الإجابة الوحيدة لهذه المرحلة السياسية والتاريخية.

فالنظام الفيدرالي المقترح من خلال مؤتمر الحوار الوطني يعطي اليمنيين وعداً بتوزيع السلطة والثروة بطريقة لا يمكن لأي نظام غير فيدرالي مهما كان لامركزياً أن يعطيه.

وذلك لأن الأمر لم يعد مسألة مقارنة منطقية أو علمية إنما أصبح مطلباً شعبياً نفسياً وحالة من الترقب النفسي للشعب الذي سيرفض الإبقاء على الوضع الحالي مهما كانت الحلول اللامركزية المقترحة جيدة من الناحية العملية.

أي تراجع عن الحل الفيدرالي قد يكسبنا ود القوى التقليدية ويوفر علينا المال ولكننا سوف نخسر ثقة الشعب بل وسنخسر الجنوب بأكمله الذي لن يثق بأي حوارات وحلول سياسية قادمة.

هذه فرصتنا التاريخية والأخيرة لننقذ اليمن من أنفسنا من أجل الأجيال القادمة فلا تضيعوها ولا تضيعونا.


في الخميس 03 أكتوبر-تشرين الأول 2013 11:56:33 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=655