في مصر وخارجها
دكتور/د.عمر عبد العزيز
دكتور/د.عمر عبد العزيز

الوضع في مصر يمثل ذروة الاستحقاق التاريخي المؤجل حتى اللحظة، لكنه قادم لا محالة .. وما أُسميه بالاستحقاق التاريخي هو ضرورة التغيير والانتقال إلى مجتمع جديد، تتحقق فيه معنى الدولة العصرية، والمواطنة القانونية، وتكافؤ الفرص، والالتحاق بركب البشرية السويَّة.
ضمن هذه العناوين العامة تجري الوقائع ويتشارك فيها الفرقاء.. كل من موقع وزاوية رؤيته. والواضح أن هذه المعركة العسيرة تداخلت فيها عناصر القوة والقانون والدولة الموروثة، والتطلعات الجديدة، بالإضافة إلى استيهامات الأطراف الأكثر جذرية في أحلامها الطوباوية. والحاصل أن كل هذا المخاض لا بد وأن يسفر عن عهد جديد نتمنَّى أن يصل سريعاً، على قاعدة التوافق السياسي الحكيم، بدلاً من إعادة إنتاج المنتج الشاخص بدراميته وبؤسه.
الغرب الجغرافي التاريخي ليس هو ذات الغرب المفاهيمي السياسي المقرون بالنزعة اليمينية المركزية المُتمثلة على وجه الخصوص في الإدارات الجمهورية المحافظة في الولايات المتحدة، وبعض شركائها في الغرب الأوروبي والعالم الواسع، لكن هذا لا يعبر عن كل القراءات الماثلة للشرق الأوسط من طرف الغرب السياسي، فهنالك قوى حية في المجتمعات الغربية تقرأ الخارطة الشرق أوسطية بمنطق مغاير لقراءة اليمين الجمهوري الأمريكي، والقومجيين الشوفينيين الأقحاح في اليمين الأوروبي الأكثر تطرفاً. ومن هنا نستطيع أن نتبيَّن الفوارق في وجهات النظر والسياسات الغربية تجاه المنطقة العربية، مما لسنا بصدد تسجيل وقائعه في هذه العجالة، لكن الجدير بالذكر حصراً, هو أن الغرب ارتبك أمام ظاهرة الربيع العربي الناجمة من دهاء التاريخ ومكره، والمنغرسة في أساس السؤال الوجودي الشاخص في العالم العربي، كما أن الغرب تداعى مع الظاهرة بتفاعلية جبرية لا مفر منها، حتى أن بعض ثوابت السياسات الغربية تجاه الأنظمة العربية “الصديقة” تغيرت بين عشية وضحاها، وبدت البراغماتية السياسية سيدة الموقف، وكان الإسلام السياسي في مشهد القبول الضمني الغربي له، شاهداً على تلك البراغماتية الناظرة لما بعد ذلك.
نظرية الفوضى الخلاقة ليست بعيدة عن المشهد، خاصة إذا عرفنا أن هذه النظرية تحمل متكآت تاريخية وفلسفية وسياسية، وهي ليست معياراً خاصاً بالعرب فحسب، بل إن لها حضورها الفاعل داخل الولايات المتحدة، مما نراه عملياً من خلال صراع الجمهوريين والديمقراطيين في المشهد الداخلي الأمريكي، وعناوين ذلك الصراع ( البنتغون / وول استريت / مؤسسة الصناعات الاستراتيجية العسكرية/ نظرية الفرصة السانحة والمبادأة الاستراتيجية/ النظام النقدي الدولي المسحوب على قاطرة الدولار الأمريكي / الريغانية العسكرية بصورتها الجديدة / النزعة اليمينية الهرمجدونية ... إلخ).
في الجمعة 25 أكتوبر-تشرين الأول 2013 06:17:59 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=686