|
صورة معاكسة للمخيلة وأنت تقارن بين سلة الفواكه التي تتمتع بها محافظة صعدة وبركة الدم التي تعيشها راهناً ..وهي مقارنة –ولاشك – تدعو جميع الأطراف وكل الأسرة اليمنية إلى وقفة جادة إزاء ما يعتمل من أحداث مأسوية مؤسفة بين الحوثيين والسلفيين والعمل سريعاً في اتجاه إيقاف هذا الاحتراب قبل أن تتطاير شظاياه في اتجاهات متعددة داخل بنية المجتمع.. وإعادة هذه المحافظة الرائعة إلى طبيعتها في إنتاج محاصيل الفواكـة وليس انتاج أدوات الدم والاحتراب.
قد تكون هذه أمنية حالمة ولكنها ليست بالمستحيلة، خاصة إذا ما التزمت جميع الأطراف المعنية تغليب منطق العقل والاحتكام إلى مرجعيات مؤتمر الحـوار الوطني والوساطات القائمة لإخماد نار الفتنة ومحاصرة تداعياتها.. ذلك أن ما يحدث سوف يعرض مسيرة الحوار والتسوية إلى عراقيل تضاف إلى تلك القائمة.. وهي أحد التحديات الإضافية أمام هذه التسوية التاريخية لإعادة صياغة بناء الدولة على أسس جديدة غير مرتهنه إلى الماضي بأي حال من الأحوال.
والأمر كذلك، فإنه لابد من التأكيد على أهمية دور الدولة لممارسة حقها في بسط سُلطاتهـا على هـذه المنطقة وغيرها من تلك التي باتت خارج سيطرة الدولة، بل وتمثل أحد بـؤر التوتر في جدار الأمن الداخلي ومسماراً يتهدد اللُحمة الوطنية.
إن أهمية تواجد الدولة في هذه المنطقة بعد غياب طويل جراء أخطاء استراتيجية طيلة الفترة الماضية ،سوف يعيد شيئاً من الطمأنينة وكثيراً من الثقة والتفاؤل بالمستقبل ودون أن نُغفل اقتران هذه الخطوة بالتوافق الوطني داخل مؤتمر الحوار على حلول مرضية وشاملة لقضية صعدة كإحدى الإشكاليات الحقيقية أمام المجتمع.
وبصراحة أكثر.. نحن أحوج ما نكون إلى أن نتعلم من دروس الماضي والاتعاظ من مرارات هذه الدروس التي فوتت على شعبنا ردحاً من الزمن الذي ضاع هدراً في الاختلاف والاحتراب.. وقد حان الوقت بأن نتحرر من أسر تداعيات هذه النزاعات – ومعنا الأمة العربية – وتحديداً بعد مرور أكثر من 14 قرناً على تلك الاختلافات.. وبأن تعي الأمة حجم وطبيعة التحديات الحضارية التي تواجهها، وذلك بالعودة إلى جادة الحق والعقل والاتزان ونبذ كل دعوات التشرذم والاختلاف والصراع وترسيخ قيم الاصطفاف والشراكة، حيث لا منتصر في هذه الحصيلة ولا مهزوم ، إلاَّ الأوطان والشعوب.. وقبل كل ذلك جوهر وفكرة الإسلام باعتباره الدين الذي يحث على السلام أولاً والسلام أخيراً.
في الخميس 14 نوفمبر-تشرين الثاني 2013 02:50:59 م