|
ما يمر به مؤتمر الحوار من فوضى وتعبئة أمر يندى له جبين الديمقراطية، فهناك خروج على نصوص المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وهروب من المصالحة الوطنية نحو الحقد والكراهية والإقصاء إضافة إلى آلة الموت التي تجوب مختلف محافظات الجمهورية وتحصد أرواح الأبرياء بشكل شبه يومي من رجال الجيش والأمن ولست بحاجة للقول أن الكتل السياسية الموجودة في مؤتمر الحوار لا تملك أفقاً لحل سياسي يضع حداً للاختلالات الأمنية والانهيار الاقتصادي، لأن هذه الكتل صار قرارها في أيدي دول إقليمية ودولية. هل يمكن لهذه الكتل أن تتوقف ولو لحظة واحدة أمام ضميرها الوطني وتتسامى فوق كل ثاراتها لكي تحقن دماء اليمنيين.
ينبغي أن تكون الأولوية الآن هي المصالحة الحقيقية من أجل تفادي سفك المزيد من الدماء والذهاب نحو مخرجات مؤتمر الحوار بشكل توافقي، مثلما بدأ توافقياً.
إن المواطن اليوم لا يرى أي تغيير سوى في انتهاج سياسة الإقصاء والصدام والعنف المتزايد ولم تشهد اليمن انقساماً مثلما تشهده اليوم، وأصبح الحديث عن الدم والاستشهاد بين أطراف عديدة.
إن الحديث اليوم عن شروط لرئاسة الدولة والحكومة والأحزاب السياسية يعد خروجاً على المألوف الديمقراطي في العالم، كما أنه يعد انقلاباً واضحاً يسقط بنية الدولة، أتمنى من الذين يديرون مثل هذه المجازفات أو اللعب بالأوراق أن يعملوا في حسابهم أن ذلك يعد انقلاباً على الشرعية ، كما أن مثل هذه المادة ستثير العنف وستحقق شللاً تاماً لبنية السلطة.
مما لا شك فيه ولا يخفى على أي قارئ أو محلل سياسي أن الأزمة المستمرة في اليمن ناتجة عن خلل جوهري في الانتقال السياسي والمتمثل في عجز القوى السياسية عن التوافق على اتفاق أساسي حول قواعد المنافسة أو النظام السياسي، وسيادة ذهنية الهيمنة التي تقصي الخاسرين في المنافسة وتستخدم التخويف ضدهم.
هناك استقطابات حادة في الوقت الراهن هذه الاستقطابات ستسبب مزيداً من التخندق للقوى السياسية بدلاً من تعزيز روح التوافق وبناء إجماع.
وعلى ما يبدو أن بعض القوى قد فهموا أن وقوف المجتمع الدولي معهم لبعض الوقت و إشراكهم في الحكومة هو تفويض لهم في اقتلاع شريكهم في التسوية وهو المؤتمر الشعبي العام فذهبوا لاجتثاث أعضائه من الوظيفة العامة كيفما راق لهم، متجاهلين أنهم أصبحوا يمارسون ما كانوا يشكون منه بالأمس القريب، وهو عدم إشراك الآخرين في السلطة.
ونحن اليوم أمام انقلاب واضح على المبادرة الخليجية بما يهدد الإرادة الشعبية الأساسي والاستسلام لإغراء الأساليب غير المؤسسية.
ومن نافلة القول تقول لتلك القوى إن الدرس الجدير بالتعلم من تجربة المؤتمر الشعبي العام أنه يستحيل أن تحكم جهة واحدة خلال فترة الاستقطاب الاجتماعي السياسي والتحول السياسي. وأنه لابد من الذهاب نحو دستور طويل المدى بين اليمنيين من مختلف الانتماءات الأيديولوجية والمذهبية والمناطقية المختلفة، ولن يكون نتاج عملية قصيرة المدى ليسيطر عليها الفصيل السياسي الأكثر استقطاباً.
وعلى هذا الأساس يحتاج اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام التوقيع على وثيقة شرف تحدد الشراكة لكل القوى في المرحلة القادمة المؤسسة على أسس دستورية وإدانة الإقصاء وتغذية الكراهية.. إضافة إلى ذلك الاتفاق على شكل الحكومة القادمة بحيث تكون مدنية القيادة وواسعة القاعدة ترأسها شخصية مستقلة تحظى باحترام واسع وأن تكون مخرجات الحوار توافقية.
وأي تجاوز للتوافق سيشكل خللاً جوهرياً في المرحلة القادمة.
في السبت 16 نوفمبر-تشرين الثاني 2013 07:28:43 ص