أن يتحوَّل المُقدَّس إلى أيديولوجيا
دكتور/د.عمر عبد العزيز
دكتور/د.عمر عبد العزيز

أذكر هنا أن الباحث السعودي الدكتور معجب الزهراني تصدَّى لجدلية ابن رشد الخاصة بالعلاقة ما بين الشريعة والحكمة، وقدم مقاربة خاصة، نُشرت في كتاب الرافد، وكنت قد قدمت لها بتوطئة تعيدنا إلى ذات السؤال الذي انبرى له الراحل الكبير محمد عابد الجابري، ومما ورد في تلك التوطئة: أن الخطاب الحواري في “فصل المقال” تنويع على جدل الأنا والآخر، وأن ما ذهب إليه الزهراني يعيدنا إلى الإشكالية الكبرى التي احتدمت دوماً بين علماء الدين والفلاسفة، وسنرى منذ البداية أن محاور تناول الموضوع عند المؤلف تتلخّص في 3 مستويات: مفهوم الاتصال في الحوار، ومعنى احترام العقل، ودلالات خطاب ابن رشد.

الحوار بحسب ابن رشد يتصل بتنوُّع حقائق الوجود ونسبيّتها، وكتابه “ فصل المقال “ حالة مُتقدمة في زمنه، حتى أن الناقد عبدالله العروي يعتبر ما توصّل إليه ابن رشد حينها متقدم جداً عما نحن عليه الآن.

حاول ابن رشد كسر التابوهات وحلحلة المركزية الأيديولوجية القائلة بأن “ الأنا “ على الحق دون العالمين، واستوعب في كتابه معنى عالمية الثقافة الإسلامية التي أسهم فيها علماء باتساع رقعة الإمبراطورية الإسلامية، وكاشف ضمناً ما نحن عليه اليوم من جمود، ومهّد لتلك المحاولات التي تاقت إلى تحرير الفكر، ومكاشفة سيئات الواقع، ابتداءً من رفاعة رفعت الطهطاوي، مروراً بخير الدين التونسي ومحمد عبده، وحتى عبد الرحمن الكواكبي.

ويسقط المؤلف نظرات ابن رشد على واقع الحال في مجتمعاتنا حيث نقف الآن على خرائب النزعات المذهبية القاصرة، ونتمرّغ في منطق الدولة “ القروسطية “ المستبدة، ويسهم الكثيرون منا في تحويل المقدس الديني إلى أيديولوجيا دنيوية تخدم السياسة الفاشلة، وشروطها الميكيافيللية، وللحديث صلة.

 

Omaraziz105@gmail.com

 
في الجمعة 22 نوفمبر-تشرين الثاني 2013 03:21:14 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=747