|
من المعروف للجميع منذ مدة ليست بالقصيرة أن تنظيم القاعدة قد نقل كل نشاطه الارهابي إلى اليمن لتهديد امن السعودية وقد احتمى الإرهابيون في تلك المنطقة بعلم جماعة الحوثيين وخططوا من تلك المنطقة محاولتهم الدنيئة لاغتيال الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية السعودي. لم ترغب السعودية في ضرب معاقل الإسلام السياسي عند حدودها مع اليمن واكتفت بتحذير القوى الظاهرة والمستترة والتي تقف وراء محاولة الاغتيال بأن أمن السعودية لا يمكن التهاون فيه.
في الآونة الأخيرة، سعت هذه الجماعات وبترتيب وتنسيق كامل مع تنظيم القاعدة في التحرش بحرس الحدود السعودي وفي أكثر من مرة ومنذ شهر آب (أغسطس) حذرت السلطات السعودية من المغامرة العسكرية التي تقوم بها هذه الفئة الضالة وكان آخرهذه التحرشات استشهاد الضابط تركي بن سالم القحطاني على يد الحوثيين، والتزمت الحكومة السعودية بالصبر ومعالجة هذه التعديات بالطرق السلمية وبالرجاءات والنصائح لهؤلاء وللجهات الإقليمية التي تدفعهم، لم تنتهج السعودية الحوار والقنوات الدبلوماسية مع الأطراف الإقليمية التي تحركهم ضعفا من السعودية ولكن حرصا منها على عدم الزج بقواتها في حرب لا ترغبها وتمشيا مع دورها الاقليمى والدولي والاسلامى والعربي وتوجهها الأصيل في رعاية كل المسلمين وحقن الدماء في مشارق الأرض ومغاربها.
أظهرت إيران وجهها السافر بمــــد الحوثيين وتنظــــيم القاعــــدة بالسلاح والمال حتى يدخلوا السعودية من الحدود اليمنية لكي يتم إشعال حرب عصابات تستهدف الحقول البترولية والإستــــراتيجية بالإضـــافة إلى ترويع المواطنين وحجاج بيت الله في موســم الحج وانســـجم ذلك بالخطب التحريضية التي وجهها كل من علي خامينئي واحمـــد نـــجاد بحسن معاملة الحجاج الإيرانيين والعواقب التي ستـــواجــــه المملكـــة في حالة المس بهؤلاء الحجاج. لم تلجأ السعودية إلى الأساليب التي لا تمت الإسلام في معالجة قضاياها مع جيرانها العرب أو غير العرب والـــتزمت الحكـــمة ورفضت الانجرار الى التحريض الذي مارسته الحكومة الإيرانية وزعماؤها الدينيون.
الشيخ محمد مهدي عاكف لم يدن خطبا وبيانات صادرة من زعماء إيران السياسيين والدينيين عندما طالبوا الحجاج بتوتير أجواء الحج وتعريض حياة الملايين للخطر بدعوتهم للتظاهر السياسي في شعيرة دينية بحتة لا صلة لها بالسياسة. ولكن كان السيد عاكف مرشد الإخوان المسلمين جاهزا في الدفاع عن الحوثيين كعادة كل جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة التي تراهن على إيران وتتحالف معها في أكثر من صعيد في لبنان والعراق واليمن ولبنان وفلسطين والتي تعقد المؤتمرات بدعوى التقريب بين المذاهب لخدمة الأجندة الخارجية الإيرانية وتسعى حركة الإخوان المسلمين من خلال علاقاتها الوطيدة مع قوى الإسلام السياسي الشيعي إلى تهديد السعودية ودول الخليج ومصر ولبنان بل المنطقة العربية بكاملها.
يجب أن تعلم قوى الإسلام السياسي بان السعودية لن تتهاون على أمن مواطنيها ورعاياها وأمن مقدساتها ولن تقبل أن يتحول موسم الحج إلى مظاهرات سياسية ودعايات لولاية الفقيه. لن تسمح السعودية بحركة الإخوان المسلمين أن تتستر خلف تمرد الحوثيين بهدف النيل من السعودية كما فعل السيد محمد مهدي عاكف ببيانه المنحاز للمعتدي على الأراضي السعودية والبادىء بإزهاق أرواح أفراد من الجيش السعودي.
تضامنت كـــل الدول العــــربية تقريبا مع السعـــــودية في صدها للعدوان الحوثي على أراضيها، واجتمع وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي في الدوحة وأصدروا تأييدهم الكامل للخطوات التي اتخذتها وأي خطوات سوف تتخذها السعودية مستقبلا حيال الجماعات الحوثية ومن يقف وراءها.
إيران ماضية في زرع الفتنة وتعميق الفرقة من خلال الطائفية بين المسلمين وزعزعة استقرار السعودية ودول الخليج العربية على وجه خاص، وحركة الإخوان المسلمين ماضية في التحالف مع إيران لممارسة الإرهاب لفرض الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي. ولكن الشعب السعودي الذي دفع ثمنا غاليا بمغامرات تنظيم القاعدة لن يسمح لأحد أن يقدم له النصح في كيفية صون أمنه الوطني. وبالأمس القريب، صرح وزير خارجية إيران متقي منوشهر بتصريحات تفتقد إلى اللياقة الدبلوماسية محذرا دول الجوار من التدخل في الشؤون الداخلية لليمن وكأن اليمن محافظة من محافظات إيران. نسى السيد وزير خارجية إيران بان من يحرض الحوثيين على التمرد هو النظام الايرانى وليست السعودية، ومن يمدهم بالسلاح والمال هم أصحاب الفتن في إيران وليست السعودية. ومن يريد تحريض الحجاج في مكة للقيام بإعمال تخريبية هم علي خامينئي واحمد نجاد وليست القيادة السعودية.
أمام التهديدات الإيرانية الماثلة لمنطقة الخليج العربي يجب أن تتكاتف دول مجلس التعاون ذات الجذور الممتدة والمتداخلة في توجهاتها السياسية حتى تتمكن من عزل وكشف ومحاصرة العناصر المندسة في المنطقة والتي تسعى إلى زعزعة الاستقرار ونشر الفوضى لكي تسمح للإطماع الإيرانية أن تتحقق في إشعال حرب طائفية حاقدة تديرها إيران.
السعودية وأبناؤها الشرفاء تعرضوا لأقسى أنواع التجني غير مسبوق من الحكومة الإيرانية بعد الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 1991 والذي طال معتقداتهم وهويتهم وإسلامهم وتعاملت القيادة السعودية وشعبها بصبر وحكمة ونبل في سبيل المحافظة على أمنها وخطها السياسي وموقفها وموقعها الديني والروحي، وها هي السعودية اليوم اصلب عودا وماضية بكل شجاعة ووضوح لكي تتحمل كل مسئولياتها التاريخية والدينية والسياسية رغم كيد أعدائها المتربصين بها. المملكة التي انتصرت طوال تاريخها على الإسقاطات السياسية والتاريخية من الأبعدين والأقربين ستنتصر على القوى الإقليمية التي تستقوي بجماعات الحوثيين والأحزاب المشبوهة.
' كاتب سعودي
في الإثنين 23 نوفمبر-تشرين الثاني 2009 04:08:59 م