نلسون مانديلا
دكتور/د.عمر عبد العزيز
دكتور/د.عمر عبد العزيز

 غادر الزعيم الأفريقي الكبير نلسون مانديلا الحياة الفانية ليترك رسالة ناجزة لكل المنخرطين في الأعمال السياسية والكفاحية، ممن يجدون الأعذار لاستخدام كل الطرق من أجل تحقيق ما يعتقدونه ويصبون إليه. وموجز الرسالة الهامة التي تركها منديلا تتلخَّص في أن الحق لا يضيع ما دام وراءه مُطالبٌ به، وأن طريق المطالبة بالحق المشروع يقتضي أن يكون طريقاً نبيلاً راشداً ورشيداً، وأن لا ينجرف أصحاب الحق إلى مزاولة العنف المجاني وتدمير الدولة. 
هذه الرسالة الناجزة جسَّدها مانديلا من خلال رؤية ثقافية إنسانية منفتحة على الآخر، حتى وإن كان بمثابة السجَّان الجلاد، وقد عُرف عنه علاقته الحميمة بسجَّانيه، وكيف أنه كان يلتمس لهم العذر بوصفهم موظفي دولة ينفذون الأوامر التي تأتيهم من السُلطات، وكيف أنهم ينخرطون في سلك الأداء داخل المؤسسة العقابية واكراهاتها العملية في التعامل مع السجناء، وخاصة سجناء الرأي المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة كحال نلسون مانديلا. 
اعتمد نلسون مانديلا على قوة الروح وهو يواجه سجناً مديداً، ويخضع للأشغال الشاقة الأكثر إرهاقاً وإيلاماً، كتقطيع الأحجار الصلبة في هجير الشمس الحارقة. ومع إدراكه بأن لا أمل في خروجه من سجنه الطويل، ومع معاناته المضاعفة من أحوال السجن، لكونه يعمل يومياً في مقالع الحجارة، وهو مصاب سابق بمرض السل الرئوي .. بالرغم من كل ذلك، كان السجين الأشهر يستعين بقوة الصبر والنسيان، ومزاولة الرياضة في زنزانته، واحتفاظه بتلك الابتسامة الآسرة التي لا تكاد تفارق شفتيه، وعلاقته الحميمة مع سجانيه، حتى إن الشهادات التي كُتبت عنه من قِبَلهم ارتقت بسجاياه إلى مصاف الإنسان الكامل الذي لا يعرف الحقد والضغينة والكراهية والغضب. 


في الخميس 12 ديسمبر-كانون الأول 2013 09:09:28 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=795