|
في تناولة سابقة وجهنا أصابع الاتهام إلى القطاع الخاص بالحديدة لتقصيرهِ ضخ استثمارات في مشروعات التنمية الأساسية، كذلك يوجه الكثير من المتابعين أصابع الاتهام بسبب الغياب شبه التام لهذا القطاع في إثراء وتفعيل المُنتج الثقافي الذي يعتبر أحد عُكازي النشاط التنموي والتنويري في هذه المحافظة، حيث كانت تهامة - ولا تزال - منتجاً للثقافة (بصورتهِ الكلية) وموطناً للمواهب في ميادين الشعر والأدب والصحافة والفن.. ولعلنا نتذكر أنها كانت خلال سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم أحد أبرز مشاعل المشهد الثقافي اليمني الذي يحتضن فنون الإبداع، إذ كانت تنتشر في الحديدة النوادي الثقافية ودور النشر والطباعة وصالات السينما ومركزاً للإصدارات الصُحافية ومدينة تعُج بالفرق الفنية والموسيقية والمهرجانات الشعبية والفلكلورية.. وقد تراجع هذا الدور الثقافي بصورة مخيفة خلال العقدين الأخيرين لأسباب لا يتسع الحيز لعرضها.
###
وحسناً أن تضافرت الجهود الوطنية خلال الفترة المنصرمة في انتشال مدينة زبيد من توجهات إسقاطها من قائمة المُدن التاريخية جراء المخالفات الجسيمة التي تتعارض مع طبيعة ومكانة المدينة تاريخياً والتي تتهدد بقاءها ، حيث منحت المنظمات الأممية المعنية بهذا الشأن فرصة إضافية لإبقاء هذه المدينة في قائمة التراث العالمي حرصاً على اهتمامها وإدراكها بأهمية زبيد تراثاً وثقافة وموروثاً.
ومن المناسب هنا تذكير الجميع بأهمية إزالة التشوهات والاستحداثات التي طمست معالم زبيد التاريخية وتتهدد بالكثير ما لم يستوعب أبناء زبيد أنفسهم هذه الدُرة التي يملكونها.. وأعرف كذلك أن جهوداً مكثفة قادها المحافظ أكرم عطية ومسئولو وزارة الثقافة وهيئة المحافظة على المدن التاريخية خلال الفترة الماضية لإصلاح بعض ما خربتهُ أيادي العبث.. والمطلوب كذلك استمرار هذه الجهود، باعتبار أن هذا الكنز لا يخص زبيد أو تهامة فحسب وإنما يخص اليمن ككل.
###
استرجعت كل تلك الخواطر والانطباعات عن المشهد الثقافي في الحديدة بصورة عامة ، متمنياً أن تعود الحياة مزدهرة إلى قطاعات التنمية الثقافية أسوه بالتنمية الاقتصادية والبشرية ، إذ لا يمكن أن تستقيم الحياة في هذه المحافظة وعكاز المشهد الثقافي في غياب تام !
غداً : الملفات متراكمة
في الأربعاء 18 ديسمبر-كانون الأول 2013 12:38:01 م