الإرهابيون لا وطنية لهم ولا دين!
إستاذ/عبده محمد الجندي
إستاذ/عبده محمد الجندي
الإرهابيون الذين لا وطنية لهم ولا دين ولا قيم أخلاقية وإنسانية تمنعهم من النهب والسلب والقتل وإقلاق الأمن والاستقرار وإعاقة التنمية لا يمكن النظر إليهم من زاوية التعاطف والمراعاة الحقوقية، باعتبارهم خارجين عن النظام والقانون وأعداءً للحقوق والحريات والحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية..

 من حق الدولة إلقاء القبض عليهم والتحقيق معهم وإحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم وإنزال أقصى العقوبات الرادعة لهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم من الذين تسول لهم أنفسهم ممارسة هذا النوع من الجرائم الجسيمة وما تنطوي عليه من تدمير لكل ماهو ثابت ومقدس من المنجزات الوطنية المادية والمعنوية ذات الصلة بالحياة والحرية والحق والعدل والأحزاب والتنظيمات السياسية، ملزمة بالمشاركة بهذه المهام الجماعية الملقاة على كاهل الدولة بمختلف سلطاتها ومؤسساتها وأجهزتها المدنية والعسكرية من منطلق شراكتهم بملكية الوطن والاستمتاع بخيراته، لا فرق بين من هم في الحكم ومن هم في المعارضة، باعتبار المنتمين إليها من الحزبيين والسياسيين هم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات قبل أن يكونوا سياسيين حزبيين أو مستقلين سوف يتعرضون لما ينجم عنها من الأعمال الإجرامية الدامية والمدمرة ولا مجال لهم ولا يأمنهم أن يخول نفسه أو جماعته الحق في تعريض أمن الوطن واستقراره للمزايدة والمكايدة السياسية والإعلامية الهادفة إلى تحقيق المكاسب الانتخابية والسياسية والمالية الرخيصة باعتبارهم أصحاب سلطات مادية ومعنوية مسؤولة من الناحية الديمقراطية والدستورية والقانونية عن أمن الوطن واستقراره ووحدته وثورته ونظامه الجمهوري.

لأن أمن الوطن هو أمن الشعب، والاستقرار الاقتصادي لا يتم إلا من خلال ترسيخ الدعائم الراسخة للأمن السياسي والاجتماعي والتنمية الاقتصادية، وسلطة المعارضة لا تنفصل عن سلطة الحكم من ناحية الحفاظ على الأمن والاستقرار، ومهما كان بمقدور وزير الداخلية ورؤساء الأجهزة الأمنية على متابعة الخارجين عن القانون وإلقاء القبض على المجرمين وتقديمهم للعدالة إلا أنهم لا يستطيعون في غياب الاستشعار الوطني لمسؤولية التعامل العقلاني مع ماهو متاح ومكفول من الحقوق والحريات دون مبالاة بما تحتمه من الواجبات الوطنية تصبح الحرية السياسية وحرية الصحافة وحقوق الإنسان الفوضوية غير المسؤولة وغير المنظمة وغير المنضبطة وغير المستعدة للاحتكام لما هو نافذ من الواجبات الدستورية والمنظومات القانونية النافذة جهوداً محكوماً عليها بالفشل الناتج عن طغيان النزعات والأطماع الفوضوية الدامية والقاتلة والمدمرة للتنمية في بحر من المزايدات والمناكفات والمكايدات المجنونة التي ما تكاد تنتهي إلا لتبدأ وما تكاد تبدأ إلا لتنتهي في سلسلة من المجرمين والإرهابيين الذين يلتقون على التخريب والقتل والتدمير والفوضى والتخلف والظلم والقهر والفساد.

ومهما كان بمقدورهم أن يلقوا بالمسؤولية على عاتق الأغلبية الحاكمة بحكم مالديهم من الحقوق والحريات المتاحة وبحكم ما يمتلكونه من الوسائل الإعلامية المرئية والمقروءة إلا أنهم يضعون أنفسهم بقصد أو بدون قصد وبوعي أو بدون وعي في موقع الشبهة والشراكة في تحمل المسؤولية بما يسهمون به مباشرة وغير مباشرة من تشجيع هذا النوع من الممارسات الفوضوية والإرهابية التي تسهم إلى هذا الحد أو ذاك في تغذية الإرهابيين والفوضويين بقيادات وقواعد ومتمردين جدد يحلون محل أولئك الذين تم قتلهم أو اعتقالهم ومحاكمتهم والحكم عليهم؛ لأن عدم وجود خطاب سياسي وإعلامي موحد ومسؤول يجرم مثل هذه الحركات والنزعات الإرهابية والفوضوية العنيفة التي تجد في الخطابات المدافعة والمهادنة والمراوغة ما تحتاجه من المد والدماء الجديدة عن طريق سلسلة طويلة من الشعارات والمبررات الواهية بدليل ما يلاحظ من اتفاق معلن وغير معلن بين من يطلقون على أنفسهم بالحوثيين الإماميين ومن يطلقون على أنفسهم بالحراكيين الانفصاليين ومن يطلقون على أنفسهم بالقاعديين المتمترسين خلف شعارات جهادية زائفة ما أنزل الله بها من سلطان.

إنهم مهما اختلفوا في تعدد شعاراتهم المطلبية المغلفة بالدين والوطنية الشطرية يلتقون على حقيقة واحدة هي القتل والنهب والسلب والتدمير والتمرد وقطع الطرقات ونهب الممتلكات الخاصة والعامة وإقلاق الأمن والاستقرار وتعطيل التنمية السياسية والاجتماعية بصورة فوضوية متمردة على كل الثوابت والمقدسات الوطنية والدينية.

أقول ذلك وأقصد به أنهم أعداء الوطن وأعداء الشعب والدين وأعداء الثورة والوحدة والديمقراطية والتنمية مهما تظاهروا بالحرص على تبرير دعواتهم بمزاعم لا يقبلها العقل والمنطق ولا تتفق مع مقتضيات ومتطلبات الحياة والحرية والتقدم المحقق للأمن والاستقرار على قاعدة المنفعة للجميع؛ لأن المصلحة الوطنية وليدة إحساس مشترك بالانتماء للوطن وللشعب اليمني صاحب المصلحة الحقيقية في الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية ...إلخ.

ومن هذا المنطلق الذي يفكر بعقلية المنفعة للجميع والضرر مردود على الجميع لابد من رؤية موحدة للإرهاب والتمرد والممارسات الفوضوية التي تقلق أمن الوطن واستقراره وتزج حاضره ومستقبله في صراعات وحروب أهلية طائفية أو مذهبية أو مناطقية يتضرر منها الجميع سواء كانوا يتمترسون خلف سلطة الحكم أو كانوا يتمترسون خلف سلطة المعارضة، فهم شركاء في المنفعة والضرر وشركاء في الربح والخسارة لابديل أمامهم سوى الاحتكام للدستور والقوانين النافذة والتصدي للخارجين على هذه المرجعية الملزمة للجميع بدون استثناء حتى لا يجد البعض منهم أنفسهم في لحظة انفعال أو في لحظة غضب ناتج من تداعيات مجنونة متورطين في العمل ضد أنفسهم وضد الوطن الذي يستظلون بظلاله وبالشعب الذي يستمتعون بخيراته؛ لأن الحدود العليا والنهاية للتكتيك والمناورة السياسية المندفعة خلف أهداف انتخابية أو حتى صفقات سياسية ومالية تخفى خلف ما تلوح به من المغريات المسيلة للعاب هاوية قاتلة لا محالة بضغوط محركات العشب الأخضر وما تمثله من اندفاعات غير معقولة وغير مقبولة ومتمردة على قوانين العقل والفكر التي تميز الحيوان العاقل عن الحيوان الناطق الذي لا مرجعية له سوى عواطفه الحسية ومغرياتها الأنانية القاتلة للسلام الاجتماعي.

ومعنى ذلك أن الحرب على الإرهاب تستوجب الاصطفاف الوطني لكل الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني نظراً لما ينطوي عليه من جنون يفقد العقل قدراته الإبداعية والإنتاجية السلمية البناءة وبعض الهيمنة على ما خلفه وبعده من رغبات ومن إرادات عاطفية محفوفة لا تدرك ما تنطوي عليه السلبية واللامبالاة تجاه هذا النوع من المغامرات والمواقف والمناورات الفوضوية من عواقب كارثية وخيمة لا تفرق بين أمن ومصلحة من هم في الحكم ولا بين أمن ومصلحة من هم في المعارضة؛ لأن الجميع يصبحون حطباً لما هو مشتعل من النيران الإرهابية القاتلة التي تأكل نفسها إذا لم تجد في متناولها ما تأكله من أعواد الحطب القابلة للاشتعال ومن مواد الإشعال النفطية المشتعلة كالبترول والجاز والديزل والغاز وغير ذلك من المواد القابلة للتحول من الوجود إلى العدم ومن الطاقة النافعة للحياة المضيئة إلى الظلام ومابعده من الموت والدمار الشامل.

إن الإرهاب في جوهره لا يقل خطورة عن الإرهاب في ظاهره.. إنه يقتل نفسه ويأكل نفسه وأصحابه إذا لم يجد ما يأكله ويقتله من الآخرين، لا فرق لديه بين المواد والمكونات الحسية الحية الناطقة وبين المواد والمكونات الحية الحسية العاقلة.. إنه آفة العصر وكارثته المروعة وآفة الاستقرار والأمن والسلام والحق والعدل والتقدم والوحدة والديمقراطية والتنمية لا يجد له متعة ولذة إلا من خلال ما تحدثه الانفجارات المفخخة من الحروق والجروح والآلام القاتلة حتى إذا بدأ بنفسه ولكن بدافع الرغبة في المزيد من القتل بلا حدود ولا قيود كابحة ومانعة يقدم الحرام بأسلوب الحلال ويقدم الانتحار بثوب الشهادة رافضاً الاستجابة لما دعا إليه الدين الإسلامي الحنيف من قدسية للحياة وحرمة للأرواح البريئة تتقدم على غيرها من القدسيات الروحية المحرمة.

إنهم يقتلون الآخرين ويقتلون أنفسهم ويقتلون الطفولة والأمومة والرجولة والكهولة والشيخوخة بلا رحمة ولا شفقة ولا خوف من القوانين النافذة والعاجلة والنواميس الأخروية الآجلة، لا فرق بينهم وفي شرعهم الغابي بين المدنيين والعسكريين وبين المتهمين والأبرياء، الكل يجب أن يموت وطنياً كان أو عربياً أو أجنبياً مسلماً كان أو مسيحياً أو يهودياً أو وثنياً بلا عقيدة أيديولوجية ودينية.

هكذا يبدو السكوت على هذا العمل التدميري القاتل للحياة والحرية والحق والعدل والتنمية جريمة موجبة للعقاب العاجل والآجل، ناهيك عن مجاملته والدفاع عنه وتبريره من قبل أحزاب وتنظيمات سياسية ومن قبل صحف وطنية تستمتع بطعم الحياة وبطعم الحرية بعد عهود وعصور من الشمولية والديكتاتورية والتجزئة والتخلف والمعاناة.. فهل تعي المعارضة عاقبة ما تقوم به من مناورة كارثية ذات عواقب وخيمة لا محالة؟!


في الإثنين 14 ديسمبر-كانون الأول 2009 05:08:18 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=84