أمنيات في العام الجديد !
كاتب/خالد حسان
كاتب/خالد حسان

• مع مطلع كل عام جديد تتزاحم الأماني والأحلام والآمال بأن يكون أفضل من سابقيه في كافة مناحي الحياة، حتى وإن كانت أمنياتنا وأحلامنا في هذا البلد كثيرة جداً وبعضها عسيرة التحقيق أو بعيدة المنال ،إلا أن لا شيء يمنع من النظر بتفاؤل إلى المستقبل ونسج الأماني والأحلام أملاً في تحققها على المدى القريب أو البعيد.

• أولى هذه الأمنيات تخص مؤتمر الحوار الوطني الذي نتمنى أن تكون مخرجاته حلولاً جذرية لكافة المشاكل والأزمات التي تعانيها البلاد، وتؤسس لبناء دولة مدنية حديثة، دولة المؤسسات والنظام والقانون التي تتمتع بكافة مقومات وسبل العيش اللائق والحياة الكريمة للجميع، وأن تكون القرارات المنبثقة عن مؤتمر الحوار تلبي آمال وتطلعات الشعب في التغيير نحو الأفضل، فاحتياجات الشعب الأساسية في الفترة الراهنة تتمثل في توفير الماء والكهرباء والشعور بالأمن والأمان وتوفير الاحتياجات المعيشية بأسعار معقولة تتناسب مع دخولهم وظروفهم المعيشية حتى يستطيعوا العيش بكرامة.

• نتمنى أن يتحقق الأمن والأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأن تظل حقوق الناس واحتياجاتهم بعيدة عن أية خلافات أو صراعات سياسية، لأن العبث بحقوق الناس واحتياجاتهم والخدمات المقدمة لهم واستخدامها كوسيلة ضغط لتسجيل النقاط على حساب الآخر أمر غير مقبول منطقياً وأخلاقياً وإنسانياً، إضافة إلى أنها أساليب ممقوتة تنفّر الناس من الذين يلجأون إليها، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تحقيق مكاسب سياسية حقيقية من وراء حرمان الناس من هذه الحقوق والاحتياجات.

• نتمنى من القائمين على وزارة الصناعة والتجارة أن يحرروا أقوات الناس من قبضة التجار والمستوردين المستغلين وأن يتم محاسبة وردع كل الذين يتلاعبون بأقوات الناس، سواء باحتكار السلع أو رفع أسعارها أو إدخال الأغذية الفاسدة ومنتهية الصلاحية إلى البلاد، بعيداً عن تلك الحملات التفتيشية والرقابية على الأسواق التي رغم كثرتها لم نلمس ثمارها ولم تحقق أية فائدة، وليست سوى مجرد كلام لذر الرماد في العيون، لأنها لو كانت حقيقية لكنا اليوم نعيش في مجتمع ليس فيه تاجر واحد فاسد، وموقنين بصحة وصدق ما تنفذه الوزارة من إجراءات لحماية المواطن والحفاظ على صحته وحياته.

• نتمنى أن يتم تفعيل مكافحة الفساد وأن نسمع ونقرأ ونشاهد محاكمات علنية للفاسدين الذين عاثوا في البلاد وما أكثرهم، فقد سئمنا ترديد تلك الاسطوانة المكرورة عن وجود الفساد واستشرائه في كافة مرافق وأجهزة الدولة وضرورة مكافحته واجتثاثه من جذوره، دون أن نلمس إجراءات فعلية باتجاه القضاء عليه، وليس بالضرورة أن يتم قص رؤوس كل الفاسدين ،فيكفي أن تكون البداية بالتضحية ببعض عتاولة الفساد المعروفين وتقديمهم إلى المحاكمة وتنفيذ العقوبات بحقهم، فذلك من شأنه أن يعيد الثقة للناس بهذه الأجهزة وقدراتها في القضاء على هذه الظاهرة، وهذه هي الطريقة المُثلى للقضاء على آفة الفساد.

• نتمنى أن يصبح القانون هو المنظم الحقيقي للحياة العامة وتطبيقه بصرامة وحزم لحماية المجتمع من الفوضى والعشوائية، القانون الذي يخضع له الجميع، بعيداً عن منطق الهيمنة والاستقواء، لا يفرق بين رئيس ومرؤوس، بين غني وفقير، بين زيد وعمرو، لأن قوانيننا ـ للأسف ـ تبدو وكأنها لم تُسن إلا لاستخدامها في استضعاف البسطاء من الناس، حيث لا نشعر بها إلا عندما يكون الطرف المذنب ضعيفاً أو يُراد بها الاستقواء على البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوة، أما ذوو الجاه والنفوذ فيبدو وكأنهم في حِلٍ من الالتزام بأي قانون بل ويعتبرون أنفسهم فوق القانون وليسوا معنيين بالانصياع له.

• نتمنى أن يُعامل الجميع بمساواة في الوظيفة العامة وأمام المحاكم والنيابات وأقسام الشرطة.. وغيرها من المرافق، بعيداً عن قاعدة “ شيلني واشيلك” المعمول بها، فمن ليس قادراً على “ دفع المعلوم” وإن كان صاحب حق لا يجد من ينتصر لحقه، بينما القادرون على الدفع ينالون ما يريدون ولو كان بالظلم والغش والخداع وليّ عنق الحقيقة، وتلك هي شريعة الغاب التي لا تزال تتحكم بمصائرنا في هذا البلد.

• وأخيراً نتمنى أن يكون لدينا مسئولين ذوي ضمائر حية يؤمنون أن المسئولية أمانة سيحاسبون على التقصير في أدائها، وأنهم ما وضعوا في مناصبهم هذه إلاّ لخدمة الناس وليس لخدمة أنفسهم وتحقيق مصالحهم، لأن أغلب مسئولينا إما عديمو الضمائر أو أصحاب ضمائر ميتة، وهؤلاء لا يمكن أن نأتمنهم على الوطن وأبنائه ويجب تغييرهم بمن يستشعرون أمانة المسئولية ولديهم القدرة على البذل والعطاء لمصلحة المجتمع وليس لمصالحهم الشخصية.

• تلك بعض أمنيات ضمن قائمة طويلة من الأماني يرغب أي مواطن يعيش في هذه البلاد تحقيقها في إطار الهدف الأسمى المتمثل ببناء الدولة المدنية الحديثة، دولة النظام والمؤسسات والقانون، فهل ستتحقق هذه الأمنيات أم ستظل مجرد أماني وأحلام؟! 


في الأحد 05 يناير-كانون الثاني 2014 04:00:38 م

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=851