|
أغنام الحارة التي كانت تصاب بالعطس أثناء جولات البهلول كانت مصدر تفاؤل عند سكان الحارة. يقول الناس: أن هذا العطس القادم من أبخرة دمدم تقي الدواب من الآفات والأمراض، وتخرج الأفاعي من جحورها، وتحاصر الصراصير في أوكارها، وتميت البعوض في برك مياهها، وتسقط القنافذ مع الأمطار المسائية، ولكنهم لم يكونوا يدركون أن تلك الأمطار خربت أوكار القنافذ التي أصبحت بدون مأوى.
التفسير المباشر لظهور القنافذ اختلط باعتقاد جازم بأن وصولها مِنَّة من السماء، لأنها نزلت مع الأمطار، وكان النسوة يتسابقن في إطعامها، واعتبارها إشارة خير، خاصةً وأن خروج القنافذ بأعداد كبيرة توازى مع مشاهدات يومية للثعابين الميتة.
بعد سنين طوال عرفتُ سر العشق لتلك القنافذ التي كانت قادرة على إخراج الثعابين من أوكارها والقضاء عليها، ذلك أن الثعبان يتعاطى مع القنفذ كفريسة سهلة، وحالما يلتف عليه لخنقه تنغرز أشواك القنفذ في جسده، حتى أنه لا يستطيع الفكاك، فينزف حتى الموت. ومن هنا جاء الاعتقاد الشعبي بأن القنافذ مِنَّة سماوية، لأنها تقوم بقتل الثعابين المنتشرة في أروقة الحارة.
الرائحة الغامضة النابعة من أبخرة دمدم لا تسري على حيوانات الحارة فقط، بل تجعل الناس يتجهون بالأغنام إلى بئر الماء ذات البرك المفتوحة، ويجعلونها تشرب من الماء بجوار الأبقار والجمال والحمير، اعتقاداً منهم بأن التطهّر سيسري على بقية الكائنات، وأن أبخرة دمدم المباركة لها فعل السحر على توازن الحارة وسكانها ومواشيها ومياهها وأجوائها.
Omaraziz105@gmail.com
في الخميس 09 يناير-كانون الثاني 2014 12:54:54 م