|
الذين يتذكرون بكاء البهلول “دمدم” كطفل صغير.. يعرفون أنه كان يلجأ بعد قليل إلى سيدة الصمت المديد، والإبحار الفريد صوب برازخ الكائنات الزرقاء ذات العيون الكبيرة المطروحة في منتصف الوجه، والآذان الطويلة كأرقى هوائيات سمعبصرية، والأقدام التي كأقدام الحمير.
يقولون إنهم الجن، ويصفونهم بتلك الصفات الجسدية، ومن لا يريد أن يصدق ذلك يمكنه الاستماع للقصة التالية:
ذهب إلى حفل الزواج لأخذ ابنته.. وجدها مع أخرى تنضح بروائح الكافور .. رافقتهما صامتة.. دار بخلده أنها صديقة ابنته، أو تعرفت عليها في حفل الزواج.. كان الواجب يقتضي إيصالها إلى منزل أهلها في تلك الساعة المتأخرة من الليل، وكان يتساءل في نفسه: لماذا استخدمت الكافور كعطر لبهجة الزواج؟.. ساروا سوية، وعند مدخل المقبرة انحرفت الصديقة الافتراضية صوب المدخل، وانسابت بخطى ًسريعة، كأنها تسبح في الهواء..لاحظ أقدامها التي كانت أقدام حمير!!.. اعتقد أنه يهذي ولا يرى.. سأل ابنته: من تكون هذه ؟ قالت: إنها سميرة بنت صالح الساكنة في الخط الثالث من الحارة.
لم يتمكن الأب من النوم في تلك الليلة ، ذهب إلى بيت سميرة ، وجد أباها صالح بن علي.. سأله: هل وصلت ابنته سميرة إلى البيت؟ صاح الرجل مستغرباً: اتق الله يا رجل ابنتي توفيت منذ 3 سنوات!!، فأسقط في يد الوالد، لكنه لم ينبس ببنت شفة.
في الصباح ذهب إلى عرّاف الحارة .. قال له العرّاف محذراً : لا ترو ما رأيت .. لا تقل لأحد ما رأيت !! ، لم يتمكن المسكين من إخفاء همِّه عن زوجته التي أقسمت بأغلظ الأيمان أن تكتم السر، ولكن .......
قال لها ما رأى وسمع، بعد يومين، وجد ميتاً في ساحة الدار!. وقبل أن نواصل حكاية البهلول دمدم لا مناص من الاعتراف بأن قصة الرجل الذي مات رواها مؤرخ علَّامة ودوَّنها بذات الصيغة والمعنى، وشاءت الأقدار أن يتوفَّى بعد كتابة تلك القصة.
Omaraziz105@gmail.com
في الأحد 12 يناير-كانون الثاني 2014 12:01:58 م