|
لا أدري لمـاذا كلما احتفل اليمنيون بمناسبة من المناسبـات اقتتلوا وسالت دماؤهم حتى الـركب – كما يقـال - هـل هـو التعـصب القبـلي المقـيت؟ أم هـي المبالغة في التعبير عن الحب، وبعضه ما قتل؟ أم هي أسباب نتاج جينات يحملها اليمني،لا ينافسه عليها أحد؟!
لقد أفزع الجميع ما تردد عن مقتل عديد المتعصبين والأبرياء في آن واحد وهم يحتفلون بمناسبة المولد النبوي الشريف، فقد أشارت إحصائية وزارة الداخلية عن مقتل نحو سبعة أشخاص في هذا اليوم الذي يفترض أن نحيي فيه قيم المحبة والألفة والتسامح التي جاء بها الرسول الأعظـم، بل والغريب أن تسفك هذه الدماء جراء تعصب مقيت لا صلة له بالمناسبة!.
يذهب اليمنيون أحياناً إلى حفلات الأعراس والمآتم وهم يتمنطقون السلاح والرصاص وأحياناً القذائف، بينما يذهب الآخرون من الأمم المتحضرة إلى مثل هذه المناسبات وهم يحملون الورود والرياحين.. ولا غرابة أن تتحول بعض هذه الاحتفالات الفرائحية إلى مآتم جراء خطأ بشري ارتكبه أحد الحضور بالتعبير عن فرحته بإطلاق الرصاص إلى صدور الحضور عوضاً عن إطلاقها إلى عنان السماء.
ونجد كذلك حالات مشابهة – مع الفارق - فإذا ما اختصم البعض على شيء من فتات الدنيا احتكموا إلى السلاح عوضاً عن الذهاب إلى القضاء.. وبالتالي فإن الدماء تستنسخ نفسها لمئات السنين ولا يطفئها – للأسف الشديد - غير المزيد من هذه الدماء!.
وثمة حالة أخرى نتميز بها عن غيرنا؛ حيث يستقبل الساسة في المجتمعات المتحضرة مواسم الانتخابات بالمنافسة الشريفة والديمقراطية من خلال عـرض البرامج التنافسية التي تعكس رؤية الأحزاب ومرشحيها إلى هذه الانتخابات ودون رصاص أو تهديد.. وهو على عكس ما يحدث في بلادنا؛ إذ تتحول مواسم الانتخابات إلى معارك حقيقية تستخدم فيها كافة أنواع الأسلحة لحصد أرواح الناس، بدلاً من حصد أصوات الناخبين ويسقط إثرها عشرات القتلى والجرحى.
***
والحال كذلك، فإن الأمر لا يقتصر على اليمنيين فحسب وإنما يطال العرب أيضاً، حيث لاتزال حرب داحس والغبراء المشهورة والتي امتدت - لعقود طويلة - لاتزال تجر أذيالها بالكثير من الخيبات الممهورة بالدم منذ تلك الحرب الضروس وحتى اليوم.. ولعلني لست بحاجة إلى تذكير القارئ الكريم بما يدور حوله على الأرض العربية من حروب داميـة أكثر فضاضة من داحـس والغبراء قرأنا عنها في كتب التاريخ الجاهلي!!.
"الجمهورية"
في الأحد 19 يناير-كانون الثاني 2014 05:32:11 ص