الدولة الاتحادية.. الحل الأنسب
كاتب/يونس هزاع حسان
كاتب/يونس هزاع حسان
 عندما ننظر إلى تطورات الأحداث الدامية والمآسي الإنسانية في القطر السوري الشقيق؛ ندرك عظمة الحكمة اليمانية والإنجاز الذي خرج به اليمنيون عبر الحوار الوطني؛ بصرف النظر عن ما رافق تلك الحوارات من أحداث أمنية واختلالات واغتيالات؛ تظل الحالة اليمنية هي الأفضل سواء من حيث تعامل الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحزب المؤتمر الشعبي العام، أم تعامل الاتجاهات السياسية الأخرى من أحزاب التحالف الوطني وكذلك أحزاب اللقاء المشترك وكذلك الشباب التواقين إلى التغيير. 
لقد ارتضى اليمنيون عبر التنازلات المشتركة الخروج الآمن إلى بر الأمان عبر رئيس توافقي كان ولايزال هادئاً ورصيناً في التعامل مع أكثر الأحداث دموية وحتى آخر لحظة، فضّل الاستمرار في الحوار وعدم الانجرار إلى العنف والفوضى التي يحاول تجار الحروب والاغتيالات الانحراف إليها لإفشال مسيرة الحوار الوطني. 
التعامل الهادئ والهادف مع الأحداث والمتغيّرات هو ما أوصل ماراثون الحوار الوطني الشامل في اليمن إلى التشخيص العلمي للإشكالات والاختلالات التي تعاني منها الدولة اليمنية منذ نشأتها. 
 وكشفت عملية الحوار عن اقتدار حقيقي للفرقاء اليمنيين على تجاوز المنعطفات الحرجة وموروثات الماضي ونزعات الثأر والانتقام بتغليب لغة العقل والحوار الذي يُعد بحد ذاته هو المصالحة الوطنية الحقيقية القائمة على المصارحة؛ إذ أدرك اليمنيون بحق أن إشكاليتهم لا تتمثّل في أشخاص أو أمزجة لكنها وفقاً للنظرة الأكثر نضجاً أدركت مكمن الخلل الحقيقي المتمثّل في شكل الدولة «شكل النظام السياسي» الذي وصفها البعض بـ«الدولة الرخوة». 
 ففي الوقت الذي حاول أن يبدو فيها النظام مركزياًَ لم تكن مركزيته في الواقع سوى عجز عن إدارة شؤون الدولة على امتداد الوطن؛ إذن الحوار وحده والمكاشفة والشفافية هو ما أوصلنا إلى تشخيص المشكلة الحقيقية التي يعيشها الوطن وتنعكس آثارها على الإنسان والجغرافيا. 
من هنا يعد التوصل إلى شكل الدولة الاتحادية الفيدرالية هو الصواب واليقين المشترك الذي توافق عليه المتحاورون وبالتالي هي أعلى درجات النضج التي وصلها العقل اليمني في التعامل مع إشكاليات الواقع بعد أن تخلّى كل طرف عن مشاريعه الأحادية؛ حتى تلك الأطراف التي كانت تنظر إلى بعض المفاهيم على أنها ثوابت لا تقبل الجدل أو النقاش؛ تراجعت أمام الحوار الواسع الذي اتسم بأنه مفتوح في كل الاتجاهات ودون سقف، وتنازل الجميع لمصلحة الرؤية التوافقية التي عكست نفسها في وثيقة معالجة القضية الجنوبية والتي هي في الأصل وثيقة معالجة الخلل البنيوي في الدولة ككل. 
الانتقال من الدولة البسيطة إلى الدولة المركّبة الاتحادية الفيدرالية هو الجديد في مخرجات الحوار الوطني الشامل في محطاته النهائية التي ستستكمل أعمالها بتحديد عدد الأقاليم وحدودها، ومن ثم الانتقال إلى الخطوات التالية في خارطة الطريق التي رسمتها المبادرة الخليجية في صياغة دستور الدولة الاتحادية وما ينبثق عنه من قوانين وأنظمة والذي يعد هو الآخر النقطة الأكثر حساسية والتي تتطلّب التعامل معها بكثير من الحكمة بما يستوعب توجهات المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي ركّزت على أهمية وحدة واستقرار اليمن، وعندما ربطت بين الوحدة والاستقرار إنما استهدفت صياغة نظام سياسي يوائم بين متطلبات الوحدة ومقوّمات الاستقرار والذي لا يتحقّق إلا من خلال تحويل مخرجات الحوار إلى بناء الدولة اليمنية الحديثة «دولة القانون والحكم الرشيد» التي يترجمها في الواقع المواطنة المتساوية، واحترام خصوصيات وهويات المناطق اليمنية التي تشكّل مجتمعة الهوية الكبرى للدولة اليمنية الاتحادية التي ينتمي إليها كل اليمنيين. 

Unis2s@rocketmail.com 


في الأحد 26 يناير-كانون الثاني 2014 10:54:49 ص

تجد هذا المقال في ردفان برس
http://rdfanpress.com
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://rdfanpress.com/articles.php?id=908