|
بعد أكثر من عشرة أشهر مضت من الحوارات الجادة والنقاشات المعمّقة والبحث الجاد والمسؤول للحلول الناجعة لكافة القضايا والمشكلات التي تهم اليمن أرضاً وإنساناً؛ هاهو مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي انطلق في الثامن عشر من مارس العام الماضي 2013م يصل إلى محطته الأخيرة بعقد جلسته الختامية أمس الأول السبت برئاسة الأخ عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، رئيس مؤتمر الحوار الوطني بحضور ممثّل الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن وأمين عام الجامعة العربية وأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربي وسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية «الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي».
بنجاح مؤتمر الحوار الوطني تجاوز شعبنا اليمني الأزمة السياسية العصيبة وتداعياتها المؤسفة التي عصفت بالوطن في العام 2011م وتخطّى أهم المراحل الصعبة في تاريخه الحديث، ووضع الأسس الواضحة المعالم لبناء اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة القائمة على مبدأ العدالة والمواطنة المتساوية وسيادة الشريعة والدستور والنظام والقانون على الجميع دون استثناء، حيث مثّلث مخرجات مؤتمر الحوار الوطني خارطة طريق لتحقيق ذلك على أرض الواقع.
لقد أثبت اليمنيون بنجاح مؤتمر الحوار الوطني أنهم فعلاً كما وصفهم معلّم البشرية وهاديها إلى سواء السبيل النبي الخاتم محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم بأنهم أهل الحكمة بقوله: «الإيمان يمان والحكمة يمانية» فقد تجسّدت الحكمة اليمانية في أبهى صورها وأوضح معانيها بقبول كافة الأطراف المختلفة المتصارعة على السلطة الجلوس على طاولة الحوار ومناقشة كافة القضايا التي تهم الوطن والمواطن بمسؤولية وطنية عالية وشفافية مطلقة، مستخدمين لغة العقل والمنطق بدلاً عن لغة الرشاشات والمدافع في حسم القضايا الخلافية، مقدّمين بذلك تجربة ديمقراطية فريدة يُحتذى بها في حل الخلافات والصراعات على السلطة في المنطقة العربية؛ بل العالم أجمع.
لقد ظلّت أنظار اليمنيين داخل الوطن وخارجه مصوّبة نحو العاصمة صنعاء منذ الثامن عشر من مارس العام الماضي 2013م وحتى أمس الأول السبت يتابعون باهتمام بالغ وآمال وتطلُّعات كبيرة مجريات مؤتمر الحوار الوطني، وكانوا ينتظرون بفارغ الصبر عقد جلسته الختامية وإعلان المُخرجات التي تمخّض عنها حوار جاد ومسؤول استمر أكثر من عشرة أشهر، وهاهم اليوم بعد نجاح مؤتمر الحوار وإعلان مخرجاته التي لا شك أنها ملبية لآمال وطموحات كل أبناء الشعب اليمني التواقين إلى مغادرة الماضي بكل مآسيه والانتقال إلى المستقبل الأفضل، مغادرة ماضي الصراعات والتناحرات على السلطة والثروة والنفوذ والقوة والتي نتج عنها على مدى الـ51 عاماً الماضية مآسٍ كبيرة في الأرواح والممتلكات وتدمير مقدّرات الوطن والشعب وعرقلة مسيرة البناء والتطوّر والتنمية الشاملة، والانتقال إلى اليمن الجديد، يمن الوحدة والمحبّة والسلام والأمن والاستقرار والدولة اليمنية الاتحادية الحديثة، دولة المؤسسات الدستورية والنظام والقانون.
مؤتمر الحوار الوطني مثّل محطة تاريخية مهمّة توقف فيها اليمنيون لمراجعة حساباتهم وتحكيم العقل والمنطق في حل خلافاتهم ويُعد بمثابة الجسر الذي عبر من خلاله اليمنيون إلى اليمن الجديد والمستقبل الأفضل، ومع ذلك مازالت هناك مخاطر محدقة بالوطن، مخاطر الدعوات الانفصالية والفتن الطائفية والمذهبية والنزعات المناطقية والقروية والتعصبات القبلية والحزبية، وهو ما يستدعي تكاتف كل الوطنيين الغيورين على الوطن لمواجهة كل المخاطر والتصدّي بكل قوة وصلابة لكل المؤامرات وإفشال المخطّطات التدميرية التي تستهدف الوطن اليمني أرضاً وإنساناً، على الجميع العمل بنيّة صادقة وتفانٍ وإخلاص لترجمة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني على أرض الواقع.
في الإثنين 27 يناير-كانون الثاني 2014 09:53:21 ص