في خضم التحولات الكبيرة التي يعيشها الوطن وبخاصة بعد إقرار وثيقة الحوار الوطني تنتصب أمام كافة القوى السياسية، سواء من مكونات المؤتمر أو من خارجها عديد التحديات والعقبات، لعل في طليعتها ضرورة حشد الجهد الشعبي وتأمين الظروف الملائمة لتنفيذ مضامين هذه الوثيقة إلى وقائع ملموسة ومعاشة، فضلاً عن تلك التحديات ذات الصلة بالمشكلات الاقتصادية، والأمنية والاجتماعية التي ينبغي مواجهتها بصراحة وشفافية وتفانٍ. 

وإزاء مثل هذه الصعوبات ،لابد أولاً من اتخاذ خطوات عملية في اتجاه ترجمة هذه الوثيقة وعلى نحو الخصوص تلك المرتبطة بالإجراءات ذات الصلة بإعادة ترتيب المؤسسات التشريعية والتنفيذية والرقابية التي ستتحمل مسؤولية تنفيذ ما تبقى من هذه الفترة بكل ما تحمله من مهام وطنية كبيرة، وعلى رأسها تلك المرتبطة بتحديد أقاليم الدولة الاتحادية، ومن ثم صياغة الدستور قبل الإستفتاء عليه. 

ومن المناسب هنا الإشارة إلى أن دور مختلف مكونات المجتمع على جانب كبير من الأهمية في رفد القائمين على هذه التسوية بالكثير من الدعم المباشر وغير المباشر ..وأستطيع في هذه العجالة التطرّق إلى جزئية من جوانب هذا الدعم وبخاصة تلك المرتبطة بمختلف أشكال التوعية وتبسيط معاني ودلالات هذا الإنجاز الحضاري غير المسبوق، وتفرد التجربة اليمنية في التأسيس للدولة التي تكفل حقوق الإنسان وتقوم على مبادئ العدل والحرية والمساواة والشفافية والحكم الرشيد والشراكة الوطنية في السلطة والثروة. 

ومن المؤسف هو أن من يتابع الإعلام بمختلف اتجاهاته ومشاربه وهو يتعاطى مع مخرجات الحوار ،فضلاً عن تصريحات بعض الساسة ومواقف عديد الأحزاب على الساحة يدرك بأن ثمة خللاً يصاحب هذا الأداء الإعلامي وعلى النحو الذي يشوّه صورة هذا المشهد الرائع الذي رسمه اليمنيون.. وهو الأمر الذي يستدعي – بالضرورة - مراجعة دقيقة وشاملة لتلك المواقف الخاطئة والاجتهادات المتعارضة مع روح التوافق الوطني و العمل على تخليصها من الشوائب والأخطاء التي تكون عالقة بها بقصد أو بغير قصد، فضلاً عن ضرورة حسم بؤر التوتر التي تكاد تحصد ثمرة هذا النضال السلمي للخروج بهذه التسوية التاريخية ..وتلبية تطلعات أبناء الوطن في رؤية وثيقة الحوار وقد تبلورت على الأرض وعلى النحو الذي يشيع مناخاً من الثقة بالحاضر والمستقبل على حدٍّ سواء.