عاد شبح الاغتيالات ليضرب بقوة مدينة بنغازي الليبية، ويطال العشرات من الأشخاص خلال أسبوع واحد تحت عنوان القتل على الهوية والوجهة السياسية والحقوقية.
يأتي ذلك في وقت تشهد فيه المدينة حالة انفلات أمني غير مسبوقة في ظل انتشار المجموعات المتطرفة المدعومة من تيارات سياسية دينية في مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين.
وفي هذا السياق اغتال مسلحون مجهولون، فجر السبت، ناشطين في مجال المجتمع المدني ومواقع التواصل الاجتماعي والإعلام خلال هجوم على سيارة تقلهما بمدينة بنغازي، شرقي ليبيا.
وقال مسؤول بمستشفى بنغازي الطبي، طالبا عدم ذكر اسمه، إن “مسلحين مجهولين اغتالوا الناشط في منظمات المجتمع المدني ومواقع التواصل الاجتماعي والإعلام توفيق بن سعود، ورفيقه الناشط في منظمات المجتمع المدني الداعمة للجيش والشرطة سامي الكوافي”.
ونقل المسؤول الطبي عن المسعفين قولهم إن “المسلحين أطلقوا وابلا من الرصاص على سيارة كان بها بن سعود والكوافي، وذلك بعد اعتراضها في منطقة الكيش بوسط المدينة”.
وتوفيق بن سعود (18 عاما) هو ناشط في مجال المجتمع المدني كما يعمل براديو "ليبيانا هتس" الخاص، واشتهر بمشاركاته في المظاهرات الداعمة للجيش والشرطة، كما أنه أحد أبرز المدونين في مدينة بنغازي.
وكان ثلاثة عشر شخصا قد قتلوا الخميس والجمعة بينهم داعية إسلامي ومواطن مصري قبطي في مدينة بنغازي شرق ليبيا نتيجة أعمال اغتيال متفرقة، بينما نجا أربعة من محاولة اغتيال في المدينة التي تشهد انفلاتا أمنيا وأعمال قتل شبه يومية، بحسب ما أفادت مصادر طبية وأمنية.
وذكر مصدر أمني أن “مسلحين مجهولين اغتالوا الداعية الإسلامي المعروف الشيخ نبيل ساطي مساء الخميس أمام مسجد قيس بن عمر في منطقة سيدي يونس وسط المدينة بعد إمامته للناس في صلاة العشاء”.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن “مسلحين ترصدوا ساطي عقب خروجه من المسجد وأمطروه بوابل من الرصاص أمام مرأى ومسمع الجميع ولاذوا بالفرار”.
وأكد مسؤول الإعلام في مستشفى الهواري العام هاني العريبي مقتل ساطي بعدة رصاصات في الرأس والجسم.
تستهدف الاغتيالات شخصيات عامة ورجال قضاء وإعلاميين ورجال دين لكنها تتركز على استهداف رجال الجيش والشرطة حتى وإن كانوا متقاعدين أو خارج الخدمة
والشيخ نبيل ساطي من مواليد العام 1977، وكان يشغل صفة رئيس قسم الشؤون الثقافية والدعوية بفرع وزارة الأوقاف الليبية في مدينة بنغازي، وكان خطيبا وإماما ومحفّظا للقرآن الكريم في المسجد الذي قتل فيه.
وساطي الذي يعد من أبرز الدعاة الإسلاميين في الساحة الليبية، كان يقدم العديد من البرامج الدعوية الدينية في عدد من الإذاعات والشاشات الليبية، كما اشتهر خطيبا لساحة الحرية التي شهدت اعتصامات ثورة فبراير من العام 2011 والتي سقط على إثرها نظام القذافي.
وقال المصدر الأمني إن مهاجمي ساطي اتجهوا بعد فرارهم نحو منطقة حي السلام واغتالوا المواطن حسين فضل العبيدي من دون أن يحدد الجهة التي ينتمي إليها.
وأشار إلى أن “مسلحين آخرين قتلوا ليل الخميس-الجمعة المواطن أحمد الحسوني أمام بيته في منطقة رأس عبيدة وسط المدينة”، دون أن يحدد الجهة التي ينتمي إليها أيضا، لكنه تبين عقب ذلك أنه يدير مقهى صغيرا في المنطقة نفسها.
وتستهدف الاغتيالات شخصيات عامة ورجال قضاء وإعلاميين ورجال دين لكنها تتركز على استهداف رجال الجيش والشرطة حتى وإن كانوا متقاعدين أو خارج الخدمة.
والخميس أيضا قتل في ساعات مبكرة العقيد المتقاعد من الشرطة الليبية مسعود العبد العريبي نتيجة استهدافه من قبل مسلحين أمام مزرعته في منطقة أم مبروكة جنوب غرب مدينة بنغازي، وفق المصدر.
في سياق متصل لقي مواطن مصري مسيحي يدعى عادل اسحق شعبان حتفه عندما هاجمه مسلحون مجهولون داخل محل للحياكة يعمل فيه في وسط بنغازي.
وقال شهود إن شعبان كان يعمل حائكا منذ نحو 20 عاما في ليبيا، مرجحين سبب مقتله لديانته المسيحية. وسبق أن قتل أقباط مصريون في ليبيا.
في السياق ذاته نجا المواطن زهير رمضان بوشويقير من الموت بعد أن انفجرت عبوة ناسفة ألصقت أسفل سيارته عقب نزوله منها بلحظات لزيارة والده المريض في المستشفى.
وقال مصدر في مركز بنغازي الطبي إن “حالة إغماء أصابت بوشويقير نتيجة للفزع الذي أصابه من الحادثة”.
وفي حادثة أخرى أصيبت ضابطة في الجيش برتبة عقيد إصابة بالغة نتيجة استهدافها من قبل مسلحين صباح الجمعة في منطقة الحدائق وسط مدينة بنغازي.
وقال المصدر الأمني ذاته إن “مسلحين مجهولين أمطروا العقيد في الجيش فتحية الشعافي بوابل من الرصاص ما تسبب لها بإصابات بالغة في اليد والكتف والوجه”.
كما نجا بحسب المصدر، الإعلامي وسيم بودبوس الذي عمل في وقت سابق في تلفزيون “ليبيا أولا” الموالي لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، من محاولة لاغتياله خلال تجوله في مدينة بنغازي الجمعة.
ومساء الجمعة أيضا قتل عنصران من الجيش أحدهما برتبة عقيد في الدفاع الجوي والآخر يعمل ضابطا للرواتب في فرع الحسابات العسكرية لمناطق شرق ليبيا.
وقال المصدر إن “مسلحين قتلوا العقيد في الدفاع الجوي فتحي عبدالسلام المسلاتي بالرصاص خلال تجوله في منطقة الكيش وسط مدينة بنغازي”.
وأضاف المصدر أن المسلحين قتلوا “ضابط الصف توفيق سالم العقوري عقب عودته من شرق بنغازي حيث كان ينقل أموالا في شكل مرتبات في منطقة توكرة (70 كلم شرق)”.
وتزايدت وتيرة عمليات الاغتيال في مدينة بنغازي على مدى الأيام الماضية بعد أن توقفت لأسابيع نتيجة للمعارك بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومجلس شورى ثوار بنغازي المتكون في مجمله من الإسلاميين.
ويقود حفتر معارك “كرامة ليبيا” ضد الإسلاميين في المدينة، فيما تعاني ليبيا من فوضى عارمة تصاعدت حدتها منذ شهر مع سيطرة ميليشيات مسلحة على العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي، إضافة إلى فقدان السلطات الليبية زمام الأمور في تلك المدن التي تشهد اشتباكات شبه يومية مع قوات عسكرية وشبه عسكرية موالية للسلطات.